لطائف الإشارات للقشيري - القشيري  
{قَدۡ فَرَضَ ٱللَّهُ لَكُمۡ تَحِلَّةَ أَيۡمَٰنِكُمۡۚ وَٱللَّهُ مَوۡلَىٰكُمۡۖ وَهُوَ ٱلۡعَلِيمُ ٱلۡحَكِيمُ} (2)

قوله جل ذكره : { قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ } .

أنزل الله ذلك عنايةً بأمره عليه السلام ، وتجاوزاً عنه . وقيل : إنه كَفَّرَ بعتق رقبة ، وعاوَدَ مارية .

واللَّهُ - سبحانه - أجرى سُنَّتَه بأنه إذا ساكَن عَبْدٌ بقلبه إلى أحدٍ شَوَّشَ على خواصِّه محلَّ مساكنته غَيْرَةً على قلبه إلى أَنْ يُعَاوَدَ رَبَّه ، ثم يكفيه ذلك - ولكن بعد تطويل مدةٍ ، وأنشدوا في معناه :

إذا عُلِّقَت روحي حبيباً تعلَّقت *** به غَيرُ الأيام كل تَسْلَبَنِّيَهُ

وقد ألقى الله في قلبِ رسوله صلى الله عليه وسلم تناسياً بينه وبين زوجاته فاعتزلهن ، وما كان من حديث طلاق حفصة ، وما عاد إلى قلب أبيها ، وحديث الكفاية ، وإمساكه عن وطء مارية تسعاً وعشرين ليلة . . كل ذلك غَيْرَةً من الحق عليه ، وإرادتُه - سبحانه - تشويشُ قلوبهم حتى يكون رجوعُهم كلُّهم إلى الله تعالى بقلوبهم .