بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{قَدۡ فَرَضَ ٱللَّهُ لَكُمۡ تَحِلَّةَ أَيۡمَٰنِكُمۡۚ وَٱللَّهُ مَوۡلَىٰكُمۡۖ وَهُوَ ٱلۡعَلِيمُ ٱلۡحَكِيمُ} (2)

{ قَدْ فَرَضَ الله لَكُمْ تَحِلَّةَ أيمانكم } يعني : بيَّن الله لكم كفارة أيمانكم . ويقال : أوجب الله عليكم كفارة أيمانكم . وفي الآية وجه آخر ؛ روى هشام بن عروة ، عن أبية ، عن عائشة رضي الله عنها وعن أبيها قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب الحلو والعسل ، وكان إذا صلى العصر ، دار على نسائه ، فيدنو منهن ؛ فدخل على حفصة ، فاحتبس عندها أكثر مما كان يحتبس ، فسألت عائشة عن ذلك ، فقيل لها : أهدت لها امرأة من قومها عكة عسل ، فسقت لرسول الله صلى الله عليه وسلم منه . فقالت : أما والله لنحتالن . فذكرت ذلك لسودة ، وقالت : إذا دخل فإنه سيدنو منك ، فقولي له : أكلت المغافير ؟ فإنه سيقول لك : لا . فقولي له : ما هذه الريح ؟ وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يشتد عليه إذا وجد منه الريح ، فإنه سيقول لك : حفصة سقتني شربة عسل . فقولي له : جرست نحلة العُرْفُط يعني : أن تلك النحلة أكلت العرفط ، وهو نبات به رائحة منكرة . وسأقول له ذلك ، وقولي له أنت يا صفية . فلما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على سودة ، قالت سودة : لقد كدت أن أناديه وإنه لعلى الباب فرقاً منك ، فلما دنا مني ، قلت : أكلت المغافير ؟ قال : لا ، قالت : فما هذه الريح ؟ قال : سقتني حفصة شربة عسل . قلت : جرست نحلة العرفط . فلما دخل على صفية ، قالت له مثل ذلك ، فلما دخل على حفصة ، قالت له : يا رسول الله ، ألا أسقيك منه ؟ قال : لا حاجة لي به .

وروى ابن أبي مليكة ، عن عبد الله بن عباس قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم شرب من شراب عند سودة من العسل ، فدخل على عائشة ، فقالت له : إني أجد منك ريحاً . ثم دخل على حفصة ، فقالت : إني أجد منك ريحاً . قال : أراه من شراب شربته عند سودة ، والله لا أشربه ، فنزل : { يا أيها النبي لِمَ تُحَرّمُ مَا أَحَلَّ الله لَكَ } . ثم قال : { قَدْ فَرَضَ الله لَكُمْ تَحِلَّةَ أيمانكم } يعني : أوجب عليكم كفارة أيمانكم . { والله مولاكم } يعني : ناصركم وحافظكم { وَهُوَ العليم } بما قالت حفصة لعائشة في أمر مارية . { الحكيم } حكم بكفارة اليمين .