معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَقَالُواْ رَبَّنَا عَجِّل لَّنَا قِطَّنَا قَبۡلَ يَوۡمِ ٱلۡحِسَابِ} (16)

قوله تعالى :{ وقالوا ربنا عجل لنا قطنا قبل يوم الحساب } قال سعيد بن جبير ، عن ابن عباس : يعني كتابنا ، و ( ( القط ) ) الصحيفة التي أحصت كل شيء . قال الكلبي : لما نزلت في الحاقة : { فأما من أوتي كتابه بيمينه } قالوا : عجل لنا كتابنا في الدنيا قبل يوم الحساب . وقال سعيد بن جبير : يعنون حظنا ونصيبنا من الجنة التي تقول . وقال الحسن ، وقتادة ، ومجاهد ، والسدي : يعني عقوبتنا ونصيبنا من العذاب . وقال عطاء : قاله النضر بن الحارث ، وهو قوله : { اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء } وعن مجاهد قال : قطنا حسابنا ، يقال لكتاب الحساب قط . وقال أبو عبيدة و الكسائي : ( ( القط ) ) : الكتاب بالجوائز .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَقَالُواْ رَبَّنَا عَجِّل لَّنَا قِطَّنَا قَبۡلَ يَوۡمِ ٱلۡحِسَابِ} (16)

{ وَقَالُوا رَبَّنَا عَجِّلْ لَنَا قِطَّنَا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسَابِ } : أي : قال هؤلاء المكذبون ، من جهلهم ومعاندتهم الحق ، مستعجلين للعذاب : { رَبَّنَا عَجِّلْ لَنَا قِطَّنَا } أي : قسطنا وما قسم لنا من العذاب عاجلا { قَبْلَ يَوْمِ الْحِسَابِ } ولَجُّوا في هذا القول ، وزعموا أنك يا محمد ، إن كنت صادقا ، فعلامة صدقك أن تأتينا بالعذاب . .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَقَالُواْ رَبَّنَا عَجِّل لَّنَا قِطَّنَا قَبۡلَ يَوۡمِ ٱلۡحِسَابِ} (16)

ثم ختم - سبحانه - هذه الآيات الكريمة ، ببيان ما جبل عليه هؤلاء المشركون من جهالات وسفاهات ، حيث تعجلوا العقاب قبل وقوعه بهم ، فقال - تعالى - : { وَقَالُواْ رَبَّنَا عَجِّل لَّنَا قِطَّنَا قَبْلَ يَوْمِ الحساب } .

والقطُّ : النصيب والقطعة من الشئ . مأخوذ من قط الشئ إذا قطعه وفصله عن غيره . فهم قد أطلقوا القطعة من العذاب على عذابهم ، باعتبار أنها مقتطعة من العذاب الكلى المعد لهم ولغيرهم .

أى : وقال هؤلاء المشركون الجاهلون يا ربنا { عَجِّل لَّنَا قِطَّنَا } أى عجل لنا نصيبنا من العذاب الذى توعدتنا به ، ولا تؤخره إلى يوم الحساب .

وتصدير دعائهم بنداء الله - تعالى - بصفة الربوبية ، يشعر بشدة استهزائهم بهذا العذاب الذى توعدهم الله - تعالى - به على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم .

ونسب - سبحانه - القول إليهم جميعا من أن القائل هو النضر بن الحارث ، أو أبو جهل . . لأنهم قد رضوا بهذا القول ، ولم يعترضوا على قائله .

وقيل المراد بقوله - تعالى - : { عَجِّل لَّنَا قِطَّنَا . . } أى : صحائف أعمالنا لننظر فيها قبل يوم الحساب .

وقيل المراد به : نصيبهم من الجنة أى : عجل لنا نصيبنا من الجنة التى وعد رسولك بها أتباعه ، وأعطنا هذا النصيب فى الدنيا قبل يوم الحساب لأننا لا نؤمن بوقوعه .

وعلى جميع الأقوال ، فالمراد بيان أنهم قوم قد بلغ بهم التطاول والغرور منتهاه ، حيث استهزءوا بيوم الحساب ، وطلبوا تعجيل نزول العذاب بهم فى الدنيا ، بعد أن سمعوا من الرسول صلى الله عليه وسلم أن عقوبتهم مؤجلة إلى الآخرة .

قال - تعالى - : { وَمَا كَانَ الله لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ الله مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ } وقال - سبحانه - : { وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بالعذاب وَلَن يُخْلِفَ الله وَعْدَهُ وَإِنَّ يَوْماً عِندَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ }

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَقَالُواْ رَبَّنَا عَجِّل لَّنَا قِطَّنَا قَبۡلَ يَوۡمِ ٱلۡحِسَابِ} (16)

وكان هذا رحمة بهم من الله . ولكنهم لم يعرفوا قدر هذه الرحمة ، ولم يشكروا الله هذه المنة . فاستعجلوا جزاءهم ، وطلبوا أن يوفيهم الله حظهم ونصيبهم ، قبل اليوم الذي أنظرهم إليه :

( وقالوا : ربنا عجل لنا قطنا قبل يوم الحساب ) . .

وعند هذا الحد يتركهم السياق ويلتفت إلى الرسول [ صلى الله عليه وسلم ] يسليه عن حماقة القوم وسوء أدبهم مع الله ، واستعجالهم بالجزاء ، وتكذيبهم بالوعيد ، وكفرهم برحمة الله . . ويدعوه أن يذكر ما وقع للرسل قبله من ابتلاء . وما نالهم من رحمة الله بعد البلاء . .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَقَالُواْ رَبَّنَا عَجِّل لَّنَا قِطَّنَا قَبۡلَ يَوۡمِ ٱلۡحِسَابِ} (16)

ثم ذكر عز وجل عنهم أنهم قالوا : { ربنا عجل لنا قطنا قبل يوم الحساب } والقط : الحظ والنصيب ، والقط أيضاً : الصك والكتاب من السلطان بصلة ونحوه ، ومنه قول الأعشى : [ الطويل ]

ولا الملك النعمان يوم لقيته***بغبطته يعطي القطوط ويأفق

وهو من قططت ، أي قطعت .

واختلف الناس في «القط » هنا ما أرادوا به ، فقال سعيد بن جبير : أرادوا به عجل لنا نصيبنا من الخير والنعيم في دنيانا . وقال أبو العالية والكلبي : أرادوا عجل لنا صحفنا بإيماننا ، وذلك لما سمعوا في القرآن أن الصحف تعطى يوم القيامة بالأيمان والشمائل ، قالوا ذلك . وقال ابن عباس وغيره : أرادوا ضد هذا من العذاب ونحوه ، فهذا نظير قولهم : { فأمطر علينا حجارة من السماء } [ الأنفال : 42 ] وقال السدي ، المعنى : أرنا منازلنا في الجنة حتى نتابعك ، وعلى كل تأويل ، فكلامهم خرج على جهة الاستخفاف والهزء ، ويدل على ذلك ما علم من كفرهم واستمر ، ولفظ الآية يعطي إقراراً بيوم الحساب .