التفسير الحديث لدروزة - دروزة  
{وَقَالُواْ رَبَّنَا عَجِّل لَّنَا قِطَّنَا قَبۡلَ يَوۡمِ ٱلۡحِسَابِ} (16)

قطنا : قسطنا ونصيبنا .

أما الآية الأخيرة فقد حكت قولا ساخراً من أقوالهم ، فيه استخفاف وتحدّ ، جوابا على ما ينذرهم النبي صلى الله عليه وسلم من العذاب ، فطلبوا من الله أن يعجل بعذابهم في الدنيا قبل الآخرة ، وهذه صورة جديدة من مواقفهم تكررت منهم وتكررت حكايتها عنهم في القرآن كما جاء في آية سورة الرعد هذه : { ويستعجلونك بالسيئة قبل الحسنة وقد خلت من قبلهم المثلات وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم وإن ربك لشديد العقاب6 } وفي آية سورة الحج هذه { ويستعجلونك بالعذاب ولن يخلف الله وعده وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدّون47 } .

ومع هذا التأويل للآية الذي قال به غير واحد من المفسرين ، فهناك من أولّها : بأنها حكاية لطلبهم جميع حظوظهم وما يبشرون به من الجنة الأخروية في الدنيا وحسب بأسلوب السخرية والتحدي ، من حيث إنهم يجحدون الحياة الأخروية . ولا يخلو هذا التأويل من وجاهة أيضا .

والأقوام المذكورون في الآيات قد ذكروا في السور السابقة ذكرا عابرا حينا وبشيء من البيان حينا ، والأسلوب هنا كما هو في السابق أسلوب إنذار وتذكير ، وهو الهدف الجوهري في القصص القرآنية على ما قررناه في المناسبات السابقة ، التي ذكرنا فيها ما اقتضاه المقام من تعريف وبيان . وليس في ما جاء عنهم هنا ما يتحمل تعليقا جديدا .