السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَقَالُواْ رَبَّنَا عَجِّل لَّنَا قِطَّنَا قَبۡلَ يَوۡمِ ٱلۡحِسَابِ} (16)

{ وقالوا } أي : كفار مكة استهزاءً لما نزل قوله تعالى في الحاقة : { فأما من أوتي كتابه بيمينه } ( الحاقة : 19 ) { وأما من أوتي كتابه بشماله } ( الحاقة : 25 ) { ربنا } أي : يا أيها المحسن إلينا { عجِّل لنا قطنا } أي : كتاب أعمالنا في الدنيا { قبل يوم الحساب } وقال سعيد بن جبير : يعنون حظنا ونصيبنا من الجنة التي تقول ، وقال مجاهد والسدي : يعنون عقوبتنا ونصيبنا من العذاب ، قال عطاء : قاله النضر ابن الحارث وهو قوله : { إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء } ( الأنفال : 32 )

وقال مجاهد : قطنا حسابنا ، يقال لكتاب الحساب : قط ، وقال أبو عبيدة والكسائي : القط الكتاب بالجوائز ويجمع على قطوط وقططة ، كقرد وقرود وقردة ، وفي القلة على أقطة وأقطاط ، كقدح وأقدحة وأقداح ، إلا أن أفعلة في فعل شاذ .

ولما أن القوم تعجبوا من أمور ثلاثة أولها : من أمر النبوات وإثباتها كما قال تعالى : { وعجبوا أن جاءهم منذر منهم وقال الكافرون هذا ساحر كذاب } ( ص : 4 ) وثانيها : تعجبهم من الإلهيات فقالوا { أجعل الآلهة إلهاً واحداً } وثالثها : تعجبهم من المعاد والحشر والنشر فقالوا : { ربنا عجل لنا قطنا قبل يوم الحساب } قالوا ذلك استهزاء .