قوله عز وجل : { قل كل يعمل على شاكلته } ، قال ابن عباس : على ناحيته . وقال الحسن وقتادة : على نيته . قال مقاتل : على خليقته قال الفراء على طريقته التي جبل عليها . وقال القتيبي : على طبيعته وجبلته . وقيل : على السبيل الذي اختاره لنفسه ، وهو من الشكل ، يقال : لست على شكلي ولا شاكلتي ، وكلها متقاربة ، تقول العرب : طريق ذو شواكل إذا تشعبت منه الطرق . ومجاز الآية : كل يعمل على ما يشبهه ، كما يقال في المثل : كل امرئ يشبهه فعله . { فربكم أعلم بمن هو أهدى سبيلاً } أوضح طريقا .
{ 84 } { قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدَى سَبِيلًا }
أي : { قُلْ كُلٌّ } من الناس { يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ } أي : على ما يليق به من الأحوال ، إن كان من الصفوة الأبرار ، لم يشاكلهم إلا عملهم لرب العالمين . ومن كان من غيرهم من المخذولين ، لم يناسبهم إلا العمل للمخلوقين ، ولم يوافقهم إلا ما وافق أغراضهم .
{ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدَى سَبِيلًا } فيعلم من يصلح للهداية ، فيهديه ومن لا يصلح لها فيخذله ولا يهديه .
ثم بين - سبحانه - أنه لا يخفى عليه شئ من أحوال الناس وأعمالهم فقال : { قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدَى سَبِيلاً } .
والتنوين فى قوله { كل } عوض عن المضاف إليه . أى : كل فرد .
وقوله : { شاكلته } : أى : طريقته ومذهبه الذى يشاكل ويناسب حاله فى الهداية أو الضلالة . مأخوذ من قولهم : طريق ذو شواكل ، وهى الطرق التى تتشعب منه وتتشابه معه فى الشكل ، فسميت عادة المرء بها ، لأنها تشاكل حاله .
قال القرطبى قوله { قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ } قال ابن عباس : على ناحيته . وقال مجاهد : على طبيعته .
وقال قتادة : على نيته وقال ابن زيد : على دينه . وقال الفراء : على طريقته ومذهبه الذى جبل عليه . .
وقيل : هو مأخوذ من الشكل . يقال : لست على شكلى ولا شاكلتى . فالشكل : هو المثل والنظير ، كقوله - تعالى - :
{ وَآخَرُ مِن شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ }
والشكل - بكسر الشين - الهيئة . يقال : جارية حسنة الشكل . أى الهيئة . وهذه الأقوال كلها متقاربة .
والمعنى : قل - أيها الرسول الكريم - للناس : كل واحد منكم - أيها الناس - يعمل على شاكلته وطريقته التى تشاكل حاله ، وتناسب اتجاهه ، وتتلاءم مع سلوكه وعقيدته ، فربكم الذى خلقكم وتعهدكم بالرعاية ، أعلم بمن هو أهدى سبيلا ، وأقوم طريقاً ، وسيجازى - سبحانه - الذين أساءوا بما عملوا ويجازى الذين أحسنوا بالحسنى .
فالآية الكريمة تبشر أصحاب النفوس الطاهرة والأعمال الصالحة ، بالعاقبة الحميدة ، وتهدد المنحرفين عن طريق الحق ، المتبعين لخطوات الشيطان ، بسوء المصير ، لأن الله - تعالى - لا تخفى عليه خافية ، وسيجازى كل إنسان بما يستحقه
{ فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ }
ثم ذكر - سبحانه - بعد ذلك جانباً من الأسئلة التى كانت توجه إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ، كما ذكر الإِجابة عليها لكى يجابه النبى صلى الله عليه وسلم بها السائلين ، فقال - تعالى - : { وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَآ أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً } .
ثم قال عز وجل { قل } يا محمد { كل يعمل على شاكلته } أي على طريقته وبحسب نيته ومذهبه الذي يشبهه وهو شكله ومثل له ، وهذه الآية تدل دلالة ما على أن { الإنسان } أولاً لم يرد به العموم ، أي إن الكفار بهذه الصفات ، والمؤمنون بخلافها ، وكل منهم يعمل على ما يليق به ، والرب تعالى أعلم بالمهتدي ، وقال مجاهد : { على شاكلته } معناه على طبيعته ، وقال أيضاً معناه على حدته ، وقال ابن عباس : معناه على ناحيته ، وقال قتادة : معناه على ناحيته وعلى ما ينوي ، وقال ابن زيد : معناه على دينه ، وأرجح هذه العبارات قول ابن عباس وقتادة وفي قوله { فربكم أعلم بمن هو أهدى سبيلاً } توعد بين
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.