قوله تعالى : { إن ربك فعال لما يريد* وأما الذين سعدوا } ، قرأ حمزة والكسائي وحفص سعدوا بضم السين وكسر العين ، أي : رزقوا السعادة ، وسعد وأسعد بمعنى واحد . وقرأ الآخرون بفتح السين قياسا على شقوا .
قوله تعالى : { ففي الجنة خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك } ، قال الضحاك : إلا ما مكثوا في النار حتى إذا أدخلوا الجنة . قال قتادة : الله أعلم بثنياه .
قوله تعالى : { عطاءً غير مجذوذ } ، أي غير مقطوع . قال ابن زيد : أخبرنا الله تعالى بالذي يشاء لأهل الجنة ، فقال : { عطاءً غير مجذوذ } ، ولم يخبرنا بالذي يشاء وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال : ليأتين على جهنم زمان ليس فيها أحد ، وذلك بعدما يلبثون فيها أحقابا . وعن أبي هريرة رضي الله عنه مثله . ومعناه عند أهل السنة إن ثبت : أن لا يبقى فيها أحد من أهل الإيمان . وأما مواضع الكفار فممتلئة أبدا .
{ وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا ْ } أي : حصلت لهم السعادة ، والفلاح ، والفوز { فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ ْ } ثم أكد ذلك بقوله : { عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ ْ } أي : ما أعطاهم الله من النعيم المقيم ، واللذة العالية ، فإنه دائم مستمر ، غير منقطع بوقت من الأوقات ، نسأل الله الكريم من فضله .
ثم ساق - سبحانه - بعد ذلك من الآيات ما فيه تسلية للنبى - صلى الله عليه وسلم - عما أصابه من قومه من أذى ، وما فيه تثبيت لقلوب المؤمنين ، وما فيه إرشاد لهم إلى ما يقربهم من الخير ، ويبعدهم عن الشر فقال - تعالى :
{ وَأَمَّا الذين سُعِدُواْ فَفِي . . . } .
قال الفخر الرازى : اعلم أنه - تعالى - لما شرح أقاصيص عبدة الأوثان ثم أتبعه بأحوال الأشقياء وأحوال السعداء
( وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتْ السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ إِلاَّ مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ )
وزاد السياق في حالة الذين سعدوا ما يطمئنهم إلى أن مشيئة الله اقتضت أن يكون عطاؤه لهم غير مقطوع ، حتى على فرض تبديل إقامتهم في الجنة . وهو مطلق فرض يذكر لتقرير حرية المشيئة بعدما يوهم التقييد .
{ وأما الذين سُعدوا ففي الجنة خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك عطاء غير مجذوذ } غير مقطوع ، وهو تصريح بأن الثواب لا ينقطع وتنبيه على أن المراد من الاستثناء في الثواب ليس الانقطاع ، ولأجله فرق بين الثواب والعقاب بالتأبيد . وقرأ حمزة والكسائي وحفص { سعدوا } على البناء للمفعول من سعده الله بمعنى أسعده ، و{ عطاء } نصب على مصدر المؤكد أي أعطوا عطاء أو الحال من الجنة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.