نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{۞وَأَمَّا ٱلَّذِينَ سُعِدُواْ فَفِي ٱلۡجَنَّةِ خَٰلِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ ٱلسَّمَٰوَٰتُ وَٱلۡأَرۡضُ إِلَّا مَا شَآءَ رَبُّكَۖ عَطَآءً غَيۡرَ مَجۡذُوذٖ} (108)

ولما تم أمر الأشقياء ، عطف عليه قسيمهم فقال : { وأما الذين سعدوا } أي فازوا بمطالبهم وتيسر أمرهم { ففي الجنة } أي التي صارت معلومة من الدين بالضرورة { خالدين فيها } دائماً أبداً { ما دامت السماوات والأرض } على ما جرت به عادة العرب في إرادة التأبيد بلا آخر بمثل هذا { إلاّ ما شآء ربك } وأدل دليل على ما قلت في الاستثناء قوله : { عطاء } هو {[40183]}نصب على{[40184]} المصدر { غير مجذوذ } أي مقطوع ولا مكسور ولا مفصول - لعطاء من الأعطية ولا مفرق ولا مستهان به{[40185]} : لأنهم لو انفكوا من النعيم حقيقة أو معنى ولو لحظة لكان مقطوعاً أو منقوصاً{[40186]} ؛ وفي الختم بذلك من الجزم بالدوام طمأنينة لأهل الجنة زيادة في نعيمهم عكس ما كان لأهل النار ؛ قال أبو الحسن الرماني : والزفير : ترديد النفس مع الصوت حتى تنتفخ الضلوع ، وأصله الشدة من المزفور الخلق ، والزفر : الحمل على الظهر ، لشدته ، والزفر : السيد{[40187]} لأنه يطيق حمل الشدائد ، وزفرت النار - إذا سمعت لها صوتاً في شدة توقدها ، والشهيق : صوت فظيع يخرج من الجوف بمد النفس ، وأصله الطول المفرط من قولهم : جبل شاهق أي ممتنع طولاً ؛ والخالد : الكائن في الشيء أبداً ، والدائم : الباقي أبداً{[40188]} ، ولهذا يوصف الله تعالى بالدائم دون الخالد .


[40183]:من ظ ومد، وفي الأصل: على نصب.
[40184]:من ظ ومد، وفي الأصل: على نصب.
[40185]:زيد من ظ ومد.
[40186]:زيد من ظ ومد.
[40187]:في ظ: الشد.
[40188]:سقط من مد.