الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{۞وَأَمَّا ٱلَّذِينَ سُعِدُواْ فَفِي ٱلۡجَنَّةِ خَٰلِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ ٱلسَّمَٰوَٰتُ وَٱلۡأَرۡضُ إِلَّا مَا شَآءَ رَبُّكَۖ عَطَآءً غَيۡرَ مَجۡذُوذٖ} (108)

وأخرج ابن جرير عن الضحاك في قوله { وأما الذين سعدوا } الآية . قال : هو في الذين يخرجون من النار فيدخلون الجنة ، يقول : خالدين في الجنة { ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك } يقول : إلا ما مكثوا في النار حتى أدخلوا الجنة .

وأخرج أبو الشيخ عن سنان قال : استثنى في أهل التوحيد ، ثم قال { عطاء غير مجذوذ } .

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله { ما دامت السماوات والأرض } قال : لكل جنة سماء وأرض .

وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي في قوله { ما دامت السماوات والأرض } قال : سماء الجنة وأرضها .

وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الحسن رضي الله عنه في قوله { ما دامت السماوات والأرض } قال : تبدل سماء غير هذه السماء وأرض غير هذه الأرض ، فما دامت تلك السماء وتلك الأرض .

وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن قال : إذا كان يوم القيامة أخذ الله السموات السبع والأرضين فطهرهن من كل قذر ودنس ، وفصيرهن أرضاً بيضاء فضة نوراً يتلألأ ، فصيرهن أرضاً للجنة ، والسموات والأرض اليوم في الجنة كالجنة في الدنيا يصيرهن الله على عرض الجنة ويضع الجنة عليها ، وهي اليوم على أرض زعفرانية عن يمين العرش ، فأهل الشرك خالدين في جهنم ما دامت أرضاً للجنة .

وأخرج البيهقي في البعث والنشور عن ابن عباس في قوله { إلا ما شاء ربك } قال : فقد شاء ربك أن يخلد هؤلاء في النار وأن يخلد هؤلاء في الجنة .

وأخرج أبو الشيخ عن السدي رضي الله عنه في قوله { فأما الذين شقوا . . . } قال : فجاء بعد ذلك من مشيئة الله فنسخها ، فأنزل الله بالمدينة { إن الذين كفروا وظلموا لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم طريقاً } [ النساء : 168 ] إلى آخر الآية . فذهب الرجاء لأهل النار أن يخرجوا منها وأوجب لهم خلود الأبد . وقوله { وأما الذين سعدوا } الآية . قال : فجاء بعد ذلك من مشيئة الله ما نسخها ، فأنزل بالمدينة { والذين آمنوا وعملوا الصالحات سندخلهم جنات } [ النساء : 122 ] إلى قوله { ظلاً ظليلاً } [ النساء : 57 ] فأوجب لهم خلود الأبد .

وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله { إلا ما شاء ربك } قال : استثنى الله أمر النار أن تأكلهم .

وأخرج ابن المنذر عن الحسن عن عمر رضي الله عنه قال : لو لبث أهل النار في النار كقدر رمل عالج لكان لهم يوم على ذلك يخرجون فيه .

وأخرج إسحق بن راهويه عن أبي هريرة قال : سيأتي على جهنم يوم لا يبقى فيها أحد وقرأ { فأما الذين شقوا . . . } الآية .

وأخرج ابن المنذر وأبو الشيخ عن إبراهيم قال : ما في القرآن آية أرجى لأهل النار من هذه الآية { خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك } قال : وقال ابن مسعود ليأتين عليها زمان تخفق أبوابها .

وأخرج ابن جرير عن الشعبي قال : جهنم أسرع الدارين عمراناً ، وأسرعهما خراباً .

وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله { إلا ما شاء ربك } قال : الله أعلم بمشيئته على ما وقعت .

وأخرج ابن جرير عن ابن زيد قال : قد أخبر الله بالذي شاء لأهل الجنة فقال { عطاء غير مجذوذ } ولم يخبرنا بالذي يشاء لأهل النار .

وأخرج ابن المنذر عن أبي وائل . أنه كان إذا سئل عن الشيء من القرآن ؟ قال : قد أصاب الله به الذي أراد .

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه والبيهقي في البعث والنشور عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله { لهم فيها زفير وشهيق } قال : الزفير الصوت الشديد في الحلق ، والشهيق الصوت الضعيف في الصدر . وفي قوله { غير مجذوذ } قال : غير مقطوع . وفي لفظ : غير منقطع .

وأخرج ابن الأنباري في الوقف عن ابن عباس رضي الله عنهما . أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله { لهم فيها زفير وشهيق } ما الزفير ؟ قال : زفير كزفير الحمار . قال فيه أوس بن حجر :

ولا عذران لاقيت أسماء بعدها*** فيغشى علينا إن فعلت وتعذر

فيخبرها أن رب يوم وقفته *** على هضبات السفح تبكي وتزفر