معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَن تُغۡنِيَ عَنۡهُمۡ أَمۡوَٰلُهُمۡ وَلَآ أَوۡلَٰدُهُم مِّنَ ٱللَّهِ شَيۡـٔٗاۖ وَأُوْلَـٰٓئِكَ هُمۡ وَقُودُ ٱلنَّارِ} (10)

قوله تعالى : { إن الذين كفروا لن تغني } . لن تنفع ولن تدفع .

قوله تعالى : { عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله } . قال الكلبي ، من عذاب الله . وقال أبو عبيدة : " من " بمعنى عند ، أي عند الله .

قوله تعالى : { شيئا وأولئك هم وقود النار }

/خ11

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَن تُغۡنِيَ عَنۡهُمۡ أَمۡوَٰلُهُمۡ وَلَآ أَوۡلَٰدُهُم مِّنَ ٱللَّهِ شَيۡـٔٗاۖ وَأُوْلَـٰٓئِكَ هُمۡ وَقُودُ ٱلنَّارِ} (10)

ثم قال تعالى : { إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَأُولَئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ * كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ * قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ * قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشَاءُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ }

يخبر تعالى أن الكفار به وبرسله ، الجاحدين بدينه وكتابه ، قد استحقوا العقاب وشدة العذاب بكفرهم وذنوبهم وأنه لا يغني عنهم مالهم ولا أولادهم شيئا ، وإن كانوا في الدنيا يستدفعون بذلك النكبات التي ترد عليهم ، ويقولون { نحن أكثر أموالا وأولادا وما نحن بمعذبين } فيوم القيامة يبدو لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون { وبدا لهم سيئات ما كسبوا وحاق بهم ما كانوا به يستهزؤن } وليس للأولاد والأموال قدر عند الله ، إنما ينفع العبد إيمانه بالله وأعماله الصالحة ، كما قال تعالى { وما أموالكم ولا أولادكم بالتي تقربكم عندنا زلفى إلا من آمن وعمل صالحا فأولئك لهم جزاء الضعف بما عملوا وهم في الغرفات آمنون } وأخبر هنا أن الكفار هم وقود النار ، أي : حطبها ، الملازمون لها دائما أبدا ، وهذه الحال التي ذكر الله تعالى أنها لا تغني الأموال والأولاد عن الكفار شيئا ، سنته الجارية في الأمم السابقة .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَن تُغۡنِيَ عَنۡهُمۡ أَمۡوَٰلُهُمۡ وَلَآ أَوۡلَٰدُهُم مِّنَ ٱللَّهِ شَيۡـٔٗاۖ وَأُوْلَـٰٓئِكَ هُمۡ وَقُودُ ٱلنَّارِ} (10)

{ إِنَّ الذين كَفَرُواْ لَن تُغْنِيَ . . . . } .

الوقود - بفتح الواو - هو ما توقد به النار كالحطب وغيره . وأصله من وقدت النار تقد إذا اشتعلت . والوقود - بضم الواو - المصدر عند أكثر اللغوين .

والمعنى : إن الذين كفروا بالحق لما جاءهم ، وعموا وصموا عن الاستجابة له ، لن تنفعهم أموالهم ولا أولادهم يوم القيامة ، ولن تدفع عنهم شيئا من عذاب الله الذي استحقوه بسبب كفرهم ، واغترارهم بكثرة المال ، وعزة النفر ، وقوة العصبية وقد أكد - سبحانه - هذا الحكم ردا على مزاعمهم الباطلة من أن ذلك سينفعهم فقد حكى القرآن عنهم أنهم قالوا : { نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالاً وَأَوْلاَداً وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ } فبين - سبحانه - أنه بسبب كفرهم الذى أصروا عليه ، لن تنفعهم أموالهم ولا أولادهم أي نفع من وقوع عذاب الله عليهم .

ومن في قوله { مِّنَ الله } لابتداء الغاية و { شَيْئاً } منصوب على المصدرية . أي شيئا من الاغناء . أو النفع ، لأن الذى ينفع الناس يوم القيامة إنما هو إيمانهم وعملهم الصالح .

والإشارة في قوله { وأولئك هُمْ وَقُودُ النار } لأولئك الكافرين الذين غرهم بالله الغرور . أى : وأولئك الكافرون الذين اغتروا بأموالهم وأولادهم ولم يعيروا أسماعهم أي التفات إلى الحق هم وقود النار أي حطبها . أي أن النار يشتد اشتعالها فيهم حتى لكأنهم هم مادتها التي بها تتقد وتشتعل .

وجىء بالإشارة في قوله { وأولئك } لاستحضارهم في الأذهان حتى لكأنهم بحيث يشار إليهم ، وللتنبيه على أنهم أحرياء بما سيأتي من الخبر وهو قوله { هُمْ وَقُودُ النار } . وكانت الاشارة للبعيد ، للإشعار بغلوهم في الكفر ، وانغماسهم فيه إلى منتهاه ، ولذلك كانت العقوبة شديدة .

وقوله { وأولئك } مبتدأ ، وهم ضمير فصل والخبر قوله : { وَقُودُ النار } والجملة مستأنفة مقررة لعدم الإغناء . وفي هذا التذييل تهديد شديد للكفار الذين اغتروا بأموالهم وأولادهم ببيان أن ما اغتروا به لن يحول بينهم وبين الخلود في النار .

قال الفخر الرازي ما ملخصه : اعلم أن كمال العذاب هو أن يزول عن الإنسان كل ما كان منتفعا به . ثم يجتمع عليه جميع الأسباب المؤلمة .

أما الأول فهو المراد بقوله { لَن تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلاَدُهُم مِّنَ الله شَيْئاً } وذلك لأن المرء عند الخطوب والنوائب في الدنيا يفزع إلى المال والولد . فبين الله - تعالى - أن صفة ذلك اليوم مخالفة لصفة الدنيا . ونظير هذه الآية قوله - تعالى - { يَوْمَ لاَ يَنفَعُ مَالٌ وَلاَ بَنُونَ إِلاَّ مَنْ أَتَى الله بِقَلْبٍ سَلِيمٍ } وأما القسم الثاني من أسباب العذاب فهو أن يجتمع عليه الأسباب المؤلمة ، وإليه الإشارة بقوله : { وأولئك هُمْ وَقُودُ النار } وهذا هو النهاية في العذاب ، فإنه لا عذاب أزيد من أن تشتعل النار فيهم كاشتعالها في الحطب اليابس .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَن تُغۡنِيَ عَنۡهُمۡ أَمۡوَٰلُهُمۡ وَلَآ أَوۡلَٰدُهُم مِّنَ ٱللَّهِ شَيۡـٔٗاۖ وَأُوْلَـٰٓئِكَ هُمۡ وَقُودُ ٱلنَّارِ} (10)

1

بعد هذا البيان يتجه إلى تقرير مصير الذين كفروا ، وسنة الله التي لا تتخلف في أخذهم بذنوبهم ، وإلى تهديد الذين يكفرون من أهل الكتاب ، ويقفون لهذا الدين ، ويلقن الرسول [ ص ] أن ينذرهم ، ويذكرهم ما رأوه بأعينهم في غزوة بدر من نصر القلة المؤمنة على حشود الكافرين :

( إن الذين كفروا لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا ، وأولئك هم وقود النار . كدأب آل فرعون والذين من قبلهم كذبوا بآياتنا ، فأخذهم الله بذنوبهم ، والله شديد العقاب . قل للذين كفروا . ستغلبون وتحشرون إلى جهنم وبئس المهاد . قد كان لكم آية في فئتين التقتا : فئة تقاتل في سبيل الله وأخرى كافرة ، يرونهم مثليهم رأي العين ، والله يؤيد بنصره من يشاء ، إن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار ) . .

إن هذه الآيات واردة في صدد خطاب بني إسرائيل ، وتهديدهم بمصير الكفار قبلهم وبعدهم . وفيها لفتة لطيفة عميقة الدلالة كذلك . . فهو يذكرهم فيها بمصير آل فرعون . . وكان الله سبحانه قد أهلك آل فرعون وأنجى بني إسرائيل . ولكن هذا لا يمنحهم حقا خاصا إذا هم ضلوا وكفروا ، ولا يعصمهم أن يوصموا بالكفر إذا هم انحرفوا ، وأن ينالوا جزاء الكافرين في الدنيا والآخرة كما نال آل فرعون الذين انجاهم الله منهم !

كذلك يذكرهم مصارع قريش في بدر - وهم كفار - ليقول لهم : إن سنة الله لا تتخلف . وإنه لا يعصمهم عاصم من أن يحق عليهم ما حق على قريش . فالعلة هي الكفر . وليس لأحد على الله دالة ، ولا له شفاعة إلا بالإيمان الصحيح !

( إن الذين كفروا لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا ، وأولئك هم وقود النار ) . .

والأموال والأولاد مظنة حماية ووقاية ؛ ولكنهما لا يغنيان شيئا في ذلك اليوم الذي لا ريب فيه ، لأنه لا إخلاف لميعاد الله . وهم فيه : ( وقود النار ) . . بهذا التعبير الذي يسلبهم كل خصائص " الإنسان " ومميزاته ، ويصورهم في صورة الحطب والخشب وسائر ( وقود النار ) . .

لا بل إن الأموال والأولاد ، ومعهما الجاه والسلطان ، لا تغني شيا في الدنيا .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَن تُغۡنِيَ عَنۡهُمۡ أَمۡوَٰلُهُمۡ وَلَآ أَوۡلَٰدُهُم مِّنَ ٱللَّهِ شَيۡـٔٗاۖ وَأُوْلَـٰٓئِكَ هُمۡ وَقُودُ ٱلنَّارِ} (10)

{ إن الذين كفروا } عام في الكفرة . وقيل : المراد به وفد نجران ، أو اليهود ، أو مشركوا العرب . { لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا } أي من رحمته ، أو طاعته على معنى البدلية ، أو من عذابه { وأولئك هم وقود النار } حطبها . وقرئ بالضم بمعنى أهل وقودها .