الإغناء : الدفع والنفع ، وفلان عظيم الغنى ، أي : الدفع والنفع . { إن الذين كفروا لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئاً } قيل : المراد وفد نجران لأنه روي أن أبا حارثة بن علقمة قال لأخيه : إني أعلم أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولكني إن أظهرت ذلك أخذ ملوك الرّوم مني ما أعطوني من المال .
وقيل : الإشارة إلى معاصري رسول الله صلى الله عليه وسلم .
قال ابن عباس : قريظة ، والنضير .
وكانوا يفخرون بأموالهم وأبنائهم ، وهي عامّة تتناول كل كافر .
ومعنى : من الله ، أي : من عذابه الدنيوي والأخروي ، ومعنى : أغنى عنه ، دفع عنه ومنعه ، ولما كان المال في باب المدافعة والتقرب والفتنة أبلغ من الأولاد ، قدم في هذه الآية ، وفي قوله : { وما أموالكم ولا أولادكم بالتي تقربكم عندنا زلفى } وفي قوله : { إنما أموالكم وأولادكم فتنة } وفي قوله : { وتكاثر في الأموال والأولاد } وفي قوله : { لا ينفع مال ولا بنون } بخلاف قوله تعالى : { زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة } إلى آخرها ، فإنه ذكر هنا حب الشهوات ، فقدّم فيه النساء والبنين على ذكر الأموال .
وسيأتى الكلام على ذلك إن شاء الله .
وقرأ أبو عبد الرحمن : لن يغني ، بالياء على تذكير العلامة .
وقرأ علي : لن يغني ، بسكون الياء .
وقرأ الحسن : لن يغني بالياء أولاً وبالياء الساكنة آخراً ، وذلك لاستثقال الحركة في حرف اللين ، وإجراء المنصوب مجرى المرفوع .
وبعض النحويين يخص هذا بالضرورة ، وينبغي أن لا يخص بها ، إذ كثر ذلك في كلامهم .
و : من ، لابتداء الغاية عند المبرد ، وبمعنى : عند ، قاله أبو عبيدة ، وجعله كقوله تعالى : { أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف } قال : معناه عند جوع وعند خوف ، وكون : من ، بمعنى : عند ، ضعيف جداً .
وقال الزمشخري : قوله : من الله ، مثله في قوله : { إن الظنّ لا يغني من الحق شيئاً } والمعنى : لن تغني عنهم من رحمة الله ، أو من طاعة الله شيئاً ، أي : بدل رحمته وطاعته ، وبدل الحق .
ومنه : ولا ينفع ذا الجدّ منك الجد أي : لا ينفعه جدّه وحظه من الدنيا بذلك ، أي : بدل طاعتك وعبادتك .
وفي معناه قوله تعالى : { وما أموالكم ولا أولادكم بالتي تقرّبكم عندنا زلفى } انتهى كلامه .
وإثبات البدلية : لمن ، فيه خلاف أصحابنا ينكرونه ، وغيرهم قد أثبته ، وزعم أنها تأتي بمعنى البدل .
واستدل بقوله تعالى : { أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة } { لجعلنا منكم ملائكة } أي : بدل الآخرة وبدلكم .
أخذوا المخاض من الفصيل غلبة *** ظلماً ويكتب للأمير إفيلا
أي بدل الفصيل ، وشيئاً ينتصب على أنه مصدر ، كما تقول ضربت شيئاً من الضرب ، ويحتمل أن ينتصب على المفعول به ، لأن معنى : لن تغني ، لن تدفع أو تمنع ، فعلى هذا يجوز أن يكون : من ، في موضع الحال من شيئاً ، لأنه لو تأخر لكان في موضع النعت لها ، فلما تقدّم انتصب على الحال .
فتلخص في : من ، أربعة أقوال : ابتداء الغاية ، وهو قول المبرد ، والكلبي .
و : كونها بمعنى : عند ، وهو قول أبي عبيدة .
و : البدلية ، وهو قول الزمخشري ، و : التبعيض ، وهو الذي قررناه .
{ وأولئك هم وقود النار } لما قدم : إن الذين كفروا لن تغني عنهم كثرة أموالهم ، ولا تناصر أولادهم ، أخبر بمآلهم .
وأن غاية من كفر ، ومنتهى من كذب بآيات الله النار ، فاحتملت هذه الجملة أن تكون معطوفة على خبر : إن ، واحتمل أن تكونه مستأنفة عطفت على الجملة الأولى ، وأشار : بأولئك ، إلى بعدهم .
وأتى بلفظ : هم ، المشعرة بالاختصاص ، وجعلهم نفس الوقود مبالغة في الاحتراق ، كأن النار ليس لها ما يضرمها إلا هم ، وتقدّم الكلام في الوقود في قوله : { وقودها الناس والحجارة }
وقرأ الحسن ، ومجاهد ، وغيرهما : وقود ، بضم الواو ، وهو مصدر : وقدت النار تقد وقوداً ، ويكون على حذف مضاف ، أي : أهل وقود النار ، أو : حطب وقود ، أو جعلهم نفس الوقود مبالغة ، كما تقول : زيد رضا .
وقد قيل في المصدر أيضاً : وقود ، بفتح الواو ، وهو من المصادر التي جاءت على فعول بفتح الواو ، وتقدّم ذكر ذلك ، و : هم ، يحتمل أن يكون مبتدأ ، ويحتمل أن يكون فصلاً .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.