معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{۞إِنَّمَا يَسۡتَجِيبُ ٱلَّذِينَ يَسۡمَعُونَۘ وَٱلۡمَوۡتَىٰ يَبۡعَثُهُمُ ٱللَّهُ ثُمَّ إِلَيۡهِ يُرۡجَعُونَ} (36)

قوله تعالى : { إنما يستجيب الذين يسمعون } ، يعني : المؤمنين الذين يسمعون الذكر فيتبعونه ، وينتفعون به دون من ختم الله على سمعه .

قوله تعالى : { والموتى } ، يعني : الكفار .

قوله تعالى : { يبعثهم الله ثم إليه يرجعون } . فيجزيهم بأعمالهم .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{۞إِنَّمَا يَسۡتَجِيبُ ٱلَّذِينَ يَسۡمَعُونَۘ وَٱلۡمَوۡتَىٰ يَبۡعَثُهُمُ ٱللَّهُ ثُمَّ إِلَيۡهِ يُرۡجَعُونَ} (36)

يقول تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم : { إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ } لدعوتك ، ويلبي رسالتك ، وينقاد لأمرك ونهيك { الَّذِينَ يَسْمَعُونَ } بقلوبهم ما ينفعهم ، وهم أولو الألباب والأسماع .

والمراد بالسماع هنا : سماع القلب والاستجابة ، وإلا فمجرد سماع الأذن ، يشترك فيه البر والفاجر . فكل المكلفين قد قامت عليهم حجة الله تعالى ، باستماع آياته ، فلم يبق لهم عذر ، في عدم القبول .

{ وَالْمَوْتَى يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ } يحتمل أن المعنى ، مقابل للمعنى المذكور . أي : إنما يستجيب لك أحياء القلوب ، وأما أموات القلوب ، الذين لا يشعرون بسعادتهم ، ولا يحسون بما ينجيهم ، فإنهم لا يستجيبون لك ، ولا ينقادون ، وموعدهم القيامة ، يبعثهم الله ثم إليه يرجعون ، ويحتمل أن المراد بالآية ، على ظاهرها ، وأن الله تعالى يقرر المعاد ، وأنه سيبعث الأموات يوم القيامة ثم ينبئهم بما كانوا يعملون .

ويكون هذا ، متضمنا للترغيب في الاستجابة لله ورسوله ، والترهيب من عدم ذلك .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{۞إِنَّمَا يَسۡتَجِيبُ ٱلَّذِينَ يَسۡمَعُونَۘ وَٱلۡمَوۡتَىٰ يَبۡعَثُهُمُ ٱللَّهُ ثُمَّ إِلَيۡهِ يُرۡجَعُونَ} (36)

ثم بين - سبحانه - من هم أهل للإيمان والاستجابة للحق فقال :

{ إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الذين يَسْمَعُونَ } أى : إنما يستجيب لك أيها الرسول الكريم أولئك الذين يسمعون توجيهك وأقوالك سماع تدبر وتفهم وتأثر ، أما هؤلاء الذين يعاندونك فقد طبع الله على قلوبهم فهم لا يفقهون .

فالمراد بالاستجابة هنا ، الإجابة المقرونة بالتفكر والتأمل ، فهى إجابة محكمة دقيقة لأنها أتت بعد استقراء وتدبر وهذا ما تدل عليه السين .

ثم بين - سبحانه - حال الكفار فقال : { والموتى يَبْعَثُهُمُ الله ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ } أى : وموتى القلوب الذين لا يسمعون سماع تدبر وتقبل وهم المشركون ، سيبعثهم الله من قبورهم يوم القيامة ويحاسبهم حسابا عسيرا على أقوالهم الباطلة وأعمالهم السيئة .

فالمراد بالموتى هنا الكفار لأنهم موتى القلوب فشبههم - سبحانه - بموتى الأجساد ، وهذا من باب التهكم بهم والتحقير من شأنهم .

وقيل : إن لفظ الموتى على حقيقته وأن الله - تعالى - بقدرته النافذة سيبعث الجميع يوم القيامة ويرجعهم إليه فيجازى الذين أساؤا بما عملوا ويجازى الذين أحسنوا بالحسنى .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{۞إِنَّمَا يَسۡتَجِيبُ ٱلَّذِينَ يَسۡمَعُونَۘ وَٱلۡمَوۡتَىٰ يَبۡعَثُهُمُ ٱللَّهُ ثُمَّ إِلَيۡهِ يُرۡجَعُونَ} (36)

القول في تأويل قوله تعالى : { إِنّمَا يَسْتَجِيبُ الّذِينَ يَسْمَعُونَ وَالْمَوْتَىَ يَبْعَثُهُمُ اللّهُ ثُمّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ } . .

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : لا يكبرنّ عليك إعراض هؤلاء المعرضين عنك وعن الاستجابة لدعائك إذا دعوتهم إلى توحيد ربهم والإقرار بنبوّتك ، فإنه لا يستجيب لدعائك إلى ما تدعوه إليه من ذلك إلا الذين فتح الله أسماعهم للإصغاء إلى الحقّ وسهّل لهم اتباع الرشد ، دون من ختم الله على سمعه فلا يفقه من دعائك إياه إلى الله وإلى اتباع الحقّ إلا ما تفقه الأنعام من أصوات رعاتها ، فهم كما وصفهم به الله تعالى : { صُمّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَعْقِلُونَ } . { والمَوْتَى يَبْعَثُهُمُ اللّهُ } يقول : والكفار يبعثهم الله مع الموتى ، فجعلهم تعالى ذكره في عداد الموتى الذين لا يسمعون صوتا ولا يعقلون دعاء ولا يفقهون قولاً ؛ إذ كانوا لا يتدبرون ححج الله ولا يعتبرون آياته ولا يتذكرون فينزجروا عما هم عليه من تكذيب رسل الله وخلافهم .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : { إنّما يَسْتَجِيبُ الّذِينَ يَسْمَعُونَ } : المؤمنون للذكر . والمَوْتَى : الكفار ، حين يَبْعَثُهُمُ اللّهُ مع الموتى .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا أبو حذيفة ، قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .

حدثني بشر بن معاذ ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { إنّما يَسْتَجِيبُ الّذِينَ يَسْمَعُونَ } قال : هذا مثل المؤمن سمع كتاب الله فانتفع به وأخذ به وعقله ، والذين كذّبوا بآياتنا صمّ وبكم ، وهذا مثل الكافر أصمّ أبكم ، لا يبصر هدى ولا ينتفع به .

حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا أبو أسامة ، عن سفيان الثوريّ ، عن محمد بن جحادة ، عن الحسن : { إنّما يَسْتَجِيبُ الّذِينَ يَسْمَعُونَ } : المؤمنون . والمَوْتَى قال : الكفار .

حدثني ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا سفيان ، عن محمد بن جحادة ، قال : سمعت الحسن يقول في قوله : { إنّما يَسْتَجِيبُ الّذِينَ يَسْمَعُونَ والمَوْتَى يَبْعَثُهُمْ اللّهُ } قال : الكفار .

وأما قوله : { ثُمّ إلَيْهِ يُرْجَعُونَ } فإنه يقول تعالى : ثم إلى الله يرجعون ، المؤمنون الذين استجابوا لله والرسول ، والكفار الذين يحول الله بينهم وبين أن يفقهوا عنك شيئا ، فيثيب هذا الؤمن على ما سلف من صالح عمله في الدنيا بما وعد أهل الإيمان به من الثواب ، ويعاقب هذا الكافر بما أوعد أهل الكفر به من العقاب ، لا يظلم أحدا منهم مثقال ذرّة .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{۞إِنَّمَا يَسۡتَجِيبُ ٱلَّذِينَ يَسۡمَعُونَۘ وَٱلۡمَوۡتَىٰ يَبۡعَثُهُمُ ٱللَّهُ ثُمَّ إِلَيۡهِ يُرۡجَعُونَ} (36)

هذا من النمط المتقدم في التسلية أي لا تحفل بمن أعرض فإنما يستجيب لداعي الإيمان الذين يقيمون الآيات ويتلقون البراهين بالقبول ، فعبر عن ذلك كله ب { يسمعون } إذ هو طريق العلم بالنبوة والآيات المعجزة ، وهذه لفظة تستعملها الصوفية إذا بلغت الموعظة من أحد مبلغاً شافياً قالوا سمع{[4903]} .

ثم قال تعالى : { والموتى } يريد الكفار ، فعبر ، عنهم بضد ما عبر عن المؤمنين وبالصفة التي تشبه حالهم في العمى عن نور الله تعالى والصمم عن وعي كلماته ، قاله مجاهد وقتادة والحسن ، و { يبعثهم الله } يحتمل معنيين قال الحسن معناه «يبعثهم الله » بأن يؤمنوا حين يوقفهم .

قال القاضي أبو محمد : فتجيء الاستعارة في هذا التأويل ، في الوجهين في تسميتهم موتى وفي تسمية إيمانهم وهدايتهم بعثاً ، والواو على هذا مشركة في العامل عطفت { الموتى } على { الذين } ، و { يبعثهم الله } في موضع الحال ، وكأن معنى الآية إنما يستجيب الذين يرشدون حين يسمعون فيؤمنون والكفار حين يرشدهم الله بمشيئته ، فلا تتأسف أنت ولا تستعجل ما لم يُقدَّر ، وقرأ الحسن «ثم إليه يرجعون »{[4904]} فتناسبت الآية ، وقال مجاهد وقتادة : { والموتى } يريد الكفار ، أي هم بمثابة الموتى حين لا يرون هدى ولا يسمعون فيعون ، و { يبعثهم الله } أي : يحشرهم يوم القيامة { ثم إليه } أي إلى سطوته وعقابه { يرجعون } وقرأت هذه الطائفة يرجعون بياء ، والواو على هذا عاطفة جملة كلام على جملة ، { الموتى } مبتدأ و { يبعثهم الله } خبره ، فكأن معنى الآية إنما يستجيب الذين يسمعون فيعون ، والكفار سيبعثهم الله ويردهم إلى عقابه ، فالآية على هذا متضمنة الوعيد للكفار ، والعائد على { الذين } هو الضمير في { يسمعون } .


[4903]:- قال أكثر العلماء: إن يستجيب بمعنى: يجيب، لكن الرماني فرق بينهما بأن (استجاب) فيه قبول لما دعي إليه، قال: (فاستجاب لهم ربهم) (فاستجبنا له ونجيناه من الغم)، ليس كذلك (أجاب) لأنه قد يجيب بالمخالفة.
[4904]:- أي بفتح الياء من (رجع) اللازم، ومعنى قوله: "فتناسبت الآية" أن (يرجعون) بفتح الياء تناسب (يسمعون).