إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{۞إِنَّمَا يَسۡتَجِيبُ ٱلَّذِينَ يَسۡمَعُونَۘ وَٱلۡمَوۡتَىٰ يَبۡعَثُهُمُ ٱللَّهُ ثُمَّ إِلَيۡهِ يُرۡجَعُونَ} (36)

{ إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الذين يَسْمَعُونَ } تقريرٌ لما مر من أن على قلوبهم أكنةً مانعة من الفقه ، وفي آذانهم وَقراً{[208]} حاجزاً من السماع ، وتحقيقٌ لكونهم بذلك من قبيل الموتى لا يُتصور منهم الإيمانُ ألبتَّةَ ، والاستجابةُ الإجابةُ المقارنة للقَبول ، أي إنما يَقبلُ دعوتَك إلى الإيمان الذين يسمعون ما يُلقى إليهم سماعَ تفهمٍ وتدبُّر دون الموتى الذين هؤلاء منهم ، كقوله تعالى : { فَإِنَّكَ لاَ تُسْمِعُ الموتى } [ الروم ، الآية 52 ] وقوله تعالى : { والموتى يَبْعَثُهُمُ الله } تمثيلٌ لاختصاصه تعالى بالقدرة على توفيقهم للإيمان باختصاصه تعالى بالقدرة على بعث الموتى من القبور ، وقيل : بيانٌ لاستمرارهم على الكفر وعدمِ إقلاعهم عنه أصلاً على أن الموتى من القبور . وقيل : بيان مستعارٌ للكفرة بناءً على تشبيه جهلهم بموتهم ، أي وهؤلاء الكفرة يبعثهم الله تعالى من قبورهم { ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ } للجزاء ، فحينئذ يستجيبون وأما قبل ذلك فلا سبيل إليه وقرئ ( يَرْجِعون ) على البناء للفاعل من رجَع رُجوعاً ، والمشهورُ أوفي بحق المقام لإنبائه عن كون مرجِعِهم إليه تعالى بطريق الاضطرار .


[208]:وقرت أذنه وقرا: ثقُلت أو صُمّت.