الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{۞إِنَّمَا يَسۡتَجِيبُ ٱلَّذِينَ يَسۡمَعُونَۘ وَٱلۡمَوۡتَىٰ يَبۡعَثُهُمُ ٱللَّهُ ثُمَّ إِلَيۡهِ يُرۡجَعُونَ} (36)

قوله سبحانه : { إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الذين يَسْمَعُونَ }[ الأنعام :36 ] . هذا من النَّمَطِ المُتَقَدِّمِ في " التسلية " أي : لا تحفل بمن أعرض ، فإنما يَسْتَجِيبُ لداعي الإيمان الذين يَفْهَمُونَ الآيات ، ويتلقون البَرَاهِينَ بالقَبُولِ ، فعبر عن ذلك كله ب { يَسْمَعُونَ } إذ هو طريق العلم ، وهذه لفظة تستعملها الصُّوفِيَّةُ رضي اللَّه عنهم إذا بلغت المَوْعِظَةُ من أحد مبلغاً شافياً ، قالوا : سمع .

ثم قال تعالى : { والموتى } يُرِيدُ الكفار أي : هم بمَثَابَةِ الموتى ، فعبر عنهم بِضِدِّ ما عبر عن المؤمنين ، وبالصفة التي تُشْبِهُ حالهم في العمى عن نور اللَّه ، والصَّمَمِ عن وَعْيِ كلماته ، قاله مجاهد ، والحسن ، وقتادة .

و{ يَبْعَثُهُمُ الله } يحتمل معنيين : قال الحسن : معناه : يبعثهم بأن يُؤْمنوا حين يوفقهم ، وقراءة الحسن ( ثم إليه تُرْجَعُون ) بالتاء من فوق ، فَتَنَاسَبَت الآية .

وقال مجاهد ، وقتادة : { والموتى } يريد الكفار { ويَبْعَثُهُمُ الله } ، أي : يَحْشرهم يوم القيامة ، { ثُمَّ إِلَيْهِ } ، أي : إلى سَطْوته ، وعقابه ( يرجعون ) .