معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ ٱلۡعَظۡمُ مِنِّي وَٱشۡتَعَلَ ٱلرَّأۡسُ شَيۡبٗا وَلَمۡ أَكُنۢ بِدُعَآئِكَ رَبِّ شَقِيّٗا} (4)

قوله تعالى : { قال رب إني وهن } ، ضعف ورق ، { العظم مني } ، من الكبر . قال قتادة : اشتكى سقوط الأضراس ، { واشتعل الرأس } ، أي : ابيض شعر الرأس ، { شيباً } ، شمطاً ، { ولم أكن بدعائك رب شقياً } ، يقول : عودتني الإجابة فيما مضى ولم تخيبنى . وقيل : معناه لما دعوتني إلى الإيمان آمنت ولم أشق بترك الإيمان .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ ٱلۡعَظۡمُ مِنِّي وَٱشۡتَعَلَ ٱلرَّأۡسُ شَيۡبٗا وَلَمۡ أَكُنۢ بِدُعَآئِكَ رَبِّ شَقِيّٗا} (4)

وقوله : قالَ رَبّ إنّي وَهَنَ العَظْمُ مِنّي يقول تعالى ذكره ، فكان نداؤه الخفيّ الذي نادى به ربه أن قال : رَبّ إنّي وَهَنَ العَظْمُ مِنّي يعني بقوله وَهَنَ ضعف ورقّ من الكبر ، كما :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة قالَ رَبّ إنّي وَهَنَ العَظْمُ مِنّي أي ضعف العظم مني .

حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا الثوري ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله : وَهَنَ العَظْمُ مِنّي قال : نَحَل العظم . قال عبد الرزاق ، قال : الثوريّ : وبلغني أن زكريا كان ابن سبعين سنة .

وقد اختلف أهل العربية في وجه النصب في الشّيْب ، فقال بعض نحويّي البصرة : نصب على المصدر من معنى الكلام ، كأنه حين قال : اشتعل ، قال : شاب ، فقال : شَيْبا على المصدر . قال : وليس هو في معنى : تفقأت شحما وامتلأت ماء ، لأن ذلك ليس بمصدر . وقال غيره : نصب الشيب على التفسير ، لأنه يقال : اشتعل شيبُ رأسي ، واشتعل رأسي شيبا ، كما يقال : تفقّأت شحما ، وتفقّأ شحمي .

وقوله : ولَمْ أكُنْ بِدُعائِكَ رَبّ شَقِيّا يقول : ولم أشق يا ربّ بدعائك ، لأنك لم تخيب دعائي قبل إذ كنت أدعوك في حاجتي إليك ، بل كنت تجيب وتقضي حاجتي قبلك . كما :

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج عن ابن جريج ، قوله : ولَمْ أكُنْ بدُعائِكَ رَبّ شَقِيّا يقول : قد كنت تعرّفني الإجابة فيما مضى .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ ٱلۡعَظۡمُ مِنِّي وَٱشۡتَعَلَ ٱلرَّأۡسُ شَيۡبٗا وَلَمۡ أَكُنۢ بِدُعَآئِكَ رَبِّ شَقِيّٗا} (4)

{ قال رب إني وهن العظم مني } تفسير للنداء والوهن الضعف ، وتخصيص العظم لأنه دعامة البدن وأصل بنائه ولأنه أصلب ما فيه ، فإذا وهن كان ما وراءه أوهن وتوحيد لأن المراد به الجنس وقرئ و{ هن } و{ وهن } بالضم والكسر ونظيره كمل بالحركات الثلاث { واشتعل الرأس شيبا } شبه الشيب في بياضه وإنارته بشواظ النار وانتشاره وفشوه في الشعر باشتعالها ثم أخرجه مخرج الاستعارة وأسند الاشتعال إلى الرأس الذي هو مكان الشيب مبالغة وجعله مميزا إيضاحا للمقصود ، واكتفى باللام على الإضافة للدلالة على أن علم المخاطب بتعين المراد يغني عن التقيد { ولم أكن بدعائك رب شقيا } بل كلما دعوتك استجبت لي وهو توسل بما سلف معه من الاستجابة ، وتنبيه على أن المدعو له وإن لم يكن معتادا فإجابته معتادة ، وأنه تعالى عوده بالإجابة وأطمعه فيها ، ومن حق الكريم أن لا يخيب من أطمعه .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ ٱلۡعَظۡمُ مِنِّي وَٱشۡتَعَلَ ٱلرَّأۡسُ شَيۡبٗا وَلَمۡ أَكُنۢ بِدُعَآئِكَ رَبِّ شَقِيّٗا} (4)

و { وهن } معناه ضعف ، والوهن في الشخص أو الأمر الضعف وقرأ الأعمش » وهِن «بكسر الهاء { واشتعل } مستعارة للشيب من اشتعال النار على التشبيه به .

و { شيباً } نصب على المصدر في قول من رأى { اشتعل } بمعنى شاب ، وعلى التمييز في قول من لا يرى ذلك بل رآه فعلاً آخر ، فالأمر عنده كقولهم : تفقأت شحماً وامتلأت غيظاً . وقوله { ولم أكن بدعائك رب شقياً } شكر لله تعالى على سالف أياديه عنده معناه أي قد أحسنت إلي فيما سلف وسعدت بدعائي إياك فالإنعام يقتضي أن يشفع آخره أوله .