قوله تعالى : { قال رب إني وهن العظم مني } فيه مسألتان{[10777]} :
الأولى-قوله تعالى : " قال رب إني وهن العظم مني " " قال رب إني وهن " قرئ " وهن " بالحركات الثلاث أي ضعف . يقال : وَهَن يهِن وَهْنًا إذا ضعف فهو واهن . وقال أبو زيد يقال : وهن يهن ووهن يوهن . وإنما ذكر العظم ؛ لأنه عمود البدن ، وبه قوامه ، وهو أصل بنائه ، فإذا وهن تداعى وتساقط سائر قوته ، ولأنه أشد ما فيه وأصلبه ، فإذا وهن كان ما وراءه أوهن منه . ووحده لأن الواحد هو الدال على معنى الجنسية ، وقصده إلى أن هذا الجنس الذي هو العمود والقوام ، وأشد ما تركب منه الجسد قد أصابه الوهن ، ولو جمع لكان قصد إلى معنى آخر ، وهو أنه لم يهن منه بعض عظامه ولكن كلها .
الثانية-قوله تعالى : " واشتعل الرأس شيبا " أدغم السين في الشين أبو عمرو . وهذا من أحسن الاستعارة في كلام العرب . والاشتعال انتشار شعاع النار ، شبه به انتشار الشيب في الرأس ، يقول : شخت وضعفت ، وأضاف الاشتعال إلى مكان الشعر ومنبته وهو الرأس . ولم يضف الرأس اكتفاء بعلم المخاطب أنه رأس زكريا عليه السلام . " وشيبا " في نصبه وجهان : أحدهما : أنه مصدر لأن معنى اشتعل شاب ، وهذا قول الأخفش . وقال الزجاج : وهو منصوب على التمييز . النحاس : قول الأخفش أولى لأنه مشتق من فعل فالمصدر أولى به . والشيب مخالطة الشعر الأبيض الأسود .
الثالثة-قال العلماء : يستحب للمرء أن يذكر في دعائه نعم الله تعالى عليه وما يليق بالخضوع ؛ لأن قوله تعالى : " وهن العظم مني " إظهار للخضوع . وقوله : " ولم أكن بدعائك رب شقيا " إظهار لعادات تفضله في إجابته أدعيته ، أي لم أكن بدعائي إياك شقيا ، أي لم تكن تخيب دعائي إذا دعوتك ، أي إنك عودتني الإجابة فيما مضى . يقال : شقي بكذا أي تعب فيه ولم يحصل مقصوده . وعن بعضهم أن محتاجا سأله وقال : أنا الذي أحسنت إليه في وقت كذا ، فقال : مرحبا بمن توسل بنا إلينا ، وقضى حاجته .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.