قوله : { قَالَ رَبِّ } : لا مَحَلَّ لهذهِ الجملةِ لأنها تفسيرٌ لقولِه " نادى ربَّه " وبيانٌ ، ولذلك تُرِكَ العاطفُ بينهما لشدَّة الوَصْلِ .
قوله : " وَهَنَ " العامَّةُ على فتحِ الهاء . وقرأ الأعمشُ بكسرِها . وقُرِئ بضمِّها ، وهذه لغاتٌ في هذه اللفظةِ . ووَحَّد العظمَ لإِرادةِ الجنسِ ، يعني أنَّ هذا الجنسَ الذي هو عَمُوْدُ البدنِ ، وأشدُّ ما فيه وأَصْلَبُه ، قد أصابه الوَهْنُ ، ولو جُمع لكان قصداً أخرَ : وهو أنه لم يَهِنْ منه بعضُ عظامه ولكن كلُّها ، قاله الزمخشري : وقيل : أُطْلِقَ المفردُ ، والمرادُ به الجمعُ كقولِه :
بها جِيَفُ الحَسْرى فأمَّا عِظامُها *** فبِيضٌ وأمَّا جِلْدُها فَصَلِيْبُ
كُلوا في بعضِ بطنِكُم تَعِفُّوا *** فإنَّ زمانَكُمْ زَمَنٌ خَمِيصُ
و " مَنَّي " حالٌ من " العَظْمِ " . وفيه رَدُّ على مَنْ يقول : إن الألفَ واللامَ تكونُ عِوَضاً من الضميرِ المضافِ إليه ؛ لأنه قد جُمع بينهما هنا وإن كان الأصلُ : وَهَنَ عَظْمِي . ومثلُه في الدَّلالةِ على ذلك ما أنشدوه شاهداً على ما ذَكَرْتُ :
رَحِيبٌ قِطابُ الجَيْبِ منها رَفْيقَةٌ *** بجَسِّ النَّدامى بَضَّةُ المُتَجَرِّدِ
قوله : " شَيْباً " في نصبه ثلاثةُ اوجهٍ ، احدُها : - وهو المشهورُ- أنه تمييزٌ منقولٌ من الفاعلية ؛ إذ الأصلُ : اشتعلَ شيبُ الرأسِ . قال الزمخشري : " شبَّه الشيبَ بشُواظِ في بياضِه وانتشارِه في الشعر وفُشُوِّه فيه ، وأَخْذِه منه كلَّ مَأْخَذٍ باشتعال النار ، ثم أخرجه مُخْرَجَ الاستعارةِ ، ثم أَسْنَدَ الاشتعالَ إلى مكانِ الشِّعْر ومَنْبَتِه وهو الرأسُ ، وأخرج الشَّيْبَ مميَِزاً ، ولم يُضِفِ الرأسَ اكتفاءً بعِلْم المخاطب أنه رأسُ زكريا ، فمِنْ ثَمَّ / فَصُحَتْ هذه الجملةُ وشُهِد لها بالبلاغةِ " . انتهى . وهذا مِنْ استعارةِ محسوسٍ لمحسوسٍ ، ووجهُ الجمع : الانبساطُ والانتشارُ .
والثاني : أنه مصدرٌ على غيرِ الصَّدْرِ ، فإنَّ معنى " اشتعلَ الرأسُ " شابَ .
الثالث : أنه مصدرٌ واقعٌ موقعَ الحالِ ، اي : شائباً أو ذا شيبٍ .
قوله : " بدُعائِك " فيه وجهان ، أظهرُهما : أنَّ المصدرَ مضافٌ لمفعولِه ، أي : بدعائي إياك . والثاني : أنه مضافُ لفاعلِه ، أي : لم أكنْ بدعائِك لي إلى الإِيمانِ شَقِيَّا .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.