معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَإِن كُلّٞ لَّمَّا جَمِيعٞ لَّدَيۡنَا مُحۡضَرُونَ} (32)

قوله تعالى : { وإن كل لما جميع } قرأ عاصم ، و حمزة : ( ( لما ) ) بالتشديد ههنا وفي الزخرف والطارق ، ووافق ابن عامر إلا في الزخرف ، ووافق أبو جعفر في الطارق ، وقرأ الآخرون بالتخفيف . فمن شدد جعل ( ( إن ) ) بمعنى الجحد ، و ( ( لما ) ) بمعنى إلا ، تقديره : وما كل إلا جميع ، ومن خفف جعل ( ( إن ) ) للتحقيق و ( ( ما ) ) صلة ، مجازه : كل جميع .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَإِن كُلّٞ لَّمَّا جَمِيعٞ لَّدَيۡنَا مُحۡضَرُونَ} (32)

وقوله : وإنْ كُلّ لمّا جَميعٌ لَدَيْنا مُحْضَرُونَ يقول تعالى ذكره : وإن كل هذه القرون التي أهلكناها والذين لم نهلكهم وغيرهم عندنا يوم القيامة جميعهم محضرون ، كما :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد عن قتادة وَإنْ كُلّ لمّا جَميعٌ لَدَيْنا مُحْضَرُونَ أي هم يوم القيامة .

واختلفت القرّاء في قراءة ذلك ، فقرأته عامة قرّاء المدينة والبصرة وبعض الكوفيين : { وَإنْ كُلّ لَمَا } بالتخفيف توجيها منهم إلى أن ذلك «ما » أدخلت عليها اللام التي تدخل جوابا لإنْ وأن معنى الكلام : وإن كلّ لجميع لدينا محضرون . وقرأ ذلك عامة قرّاء أهل الكوفة : " لَمّا " بتشديد الميم . ولتشديدهم ذلك عندنا وجهان : أحدهما : أن يكون الكلام عندهم كان مرادا به : وإن كلّ لمما جميع ، ثم حذفت إحدى الميمات لما كثرت ، كما قال الشاعر :

غَدَاةَ طَفَت عَلْماءِ بَكْرُ بنُ وَائِلٍ *** وَعُجنْا صُدُورَ الخَيْلِ نَحْوَ تَمِيمِ

والاَخر : أن يكونوا أرادوا أن تكون لَمّا بمعنى إلا ، مع إنْ خاصة فتكون نظيرة إنما إذا وضعت موضع «إلا » . وقد كان بعض نحوييّ الكوفة يقول : كأنها «لَمْ » ضمت إليها «ما » ، فصارتا جميعا استثناء ، وخرجتا من حدّ الجحد . وكان بعض أهل العربية يقول : لا أعرف وجه «لمّا » بالتشديد .

والصواب من القول في ذلك عندي أنهما قراءتان مشهورتان متقاربتا المعنى ، فبأيتهما قرأ القارىء فمصيب .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَإِن كُلّٞ لَّمَّا جَمِيعٞ لَّدَيۡنَا مُحۡضَرُونَ} (32)

{ وإن كل لما جميع لدينا محضرون } : يوم القيامة للجزاء ، و{ إن } مخففة من الثقيلة واللام هي الفارقة و " ما " للتأكيد ، وقرأ ابن عامر وعاصم وحمزة : " لما " بالتشديد بمعنى إلا فتكون إن نافية وجميع فعيل بمعنى مفعول ، و{ لدينا } ظرف له أو ل{ محضرون } .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{وَإِن كُلّٞ لَّمَّا جَمِيعٞ لَّدَيۡنَا مُحۡضَرُونَ} (32)

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

وقوله:"وإنْ كُلّ لمّا جَميعٌ لَدَيْنا مُحْضَرُونَ" يقول تعالى ذكره: وإن كل هذه القرون التي أهلكناها والذين لم نهلكهم وغيرهم عندنا يوم القيامة جميعهم محضرون.

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

{وإن كل} يعني الأمم كلها، يقول، والله أعلم: وما كل {لمّا جميع لدينا مُحضَرون} في الآخرة، أو يقول: {ألم يروا كم أهلكنا قبلهم من القرون أنهم إليهم لا يرجعون} أبدا حتى يوم القيامة، وهما واحد.

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

إن قلت: كيف أخبر عن كل بجميع ومعناهما واحد؟ قلت: ليس بواحد؟ لأنّ كلاً يفيد معنى الإحاطة، وأن لا ينفلت منهم أحد، والجميع: معناه الاجتماع، وأن المحشر يجمعهم...

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

لما بين الإهلاك بين أنه ليس من أهلكه الله تركه، بل بعده جمع وحساب وحبس وعقاب، ولو أن من أهلك ترك لكان الموت راحة...

الواو في {وإن كل} لعطف الحكاية على الحكاية، كأنه يقول بينت لك ما ذكرت، وأبين أن كلا لدينا محضرون.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

أشار إلى أنهم يأتون صاغرين راغمين في حالة اجتماعهم كلهم في الموقف لا تناصر عندهم ولا تمانع، وليس أحد منهم غائب بحال التخلف عن الانتصار عليه فقال: {جميع} وأشار إلى غرابة الهيئة التي يجتمعون عليها بقوله: {لدينا} وزاد في العظمة بإبرازه في مظهرها، وعبر باسم الفاعل المأخوذ من المبني للمفعول جامعاً نظراً إلى معنى {كل}؛ لأنه أدل على الجمع في آن واحد وهو أدل على العظمة: {محضرون} أي:في يوم القيامة بعد بعثهم بأعيانهم كما كانوا في الدنيا سواء، إشارة إلى أن هذا الجمع على كراهة منهم، وإلى أنه أمر ثابت لازم دائم، كأنه لعظيم ثباته لم يزل، وأنه لا بد منه، ولا حيلة في التفصي عنه، وأنه يسير لا توقف له غير الإذن، فإذا أذن فعله كل من يؤمر به من الجنود كائناً من كان...

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

أرى أن عطفه على جملة {أنهم إليهم لا يرجعون} [يس: 31] واقعٌ موقع الاحتراس من توهم المخاطبين بالقرآن أن قوله: {أنهم إليهم لا يرجعون} مؤيد اعتقادهم انتفاء البعث.

و {كُلٌّ} مبتدأ وتنوينه تنوين العوض عما أضيف إليه (كل)، أي كل القرون، أو كل المذكورين من القرون والمخاطبين.

و {جَمِيعٌ} اسم على وزن فعيل، أي مجموع، وهو ضد المتفرق. يقال: جمع أشياءَ كَذا، إذا جعلها متقاربة متصلة بعد أن كانت مشتتة ومتباعدة.

والمعنى: أن كل القرون محضرون لدينا مجتمعين، أي ليس إحضارهم في أوقات مختلفة ولا في أمكنة متعددة؛ فكلمة {كل} أفادت أن الإِحضار محيط بهم بحيث لا ينفلت فريق منهم، وكلمة {جميع} أفادت أنهم محضرون مجتمعين فليست إحدى الكلمتين بمغنية عن ذكر الأخرى، ألا ترى أنه لو قيل: وإن أكثرهم لما جميع لدينا محضرون، لما كان تناف بين « أكثرهم» وبين « جميعهم» أي أكثرهم يحضر مجتمعين؛ فارتفع {جَمِيعٌ} على الخبرية في قراءات تخفيف {لمَا} وعلى الاستثناء على قراءات تشديد {لمَّا}.

و {مُحْضَرُونَ} نعت ل {جَمِيعٌ} على القراءتين. وروعي في النعت معنى المنعوت فألحقت به علامة الجماعة.