قوله : { وَإِن كُلٌّ لَّمَّا جَمِيعٌ } تقدم في هود{[46089]} تشديد «لمَّا » وتخفيفها والكلام في ذلك ، وقال ابن الخطيب في مناسبة وقوع «لما » المشددة موقع «إلا » : إن لما كأنَّهَا حَرْفا نفي جمعاً وهما : «لَمْ » و «مَا » فتأكد النفي وإلا كأنها حرفا نفي : «إن ولاَ » فاستعمل أحدهما مكان الآخر انتهى{[46090]} . وهذا يجوز أن يكون أخذه من قول الفراء في " إلا " في الاستثناء إنها مركبة من «إنْ ولاَ » إلا أنَّ الفراء جعل " إنْ " مخففة من الثقيلة وجعلها نافية{[46091]} وهو قول ركيك رَدَّهُ عليه النحويون{[46092]} . وقال الفراء أيضاً إنّ لما هذه أصلها لَمْمَا فخففت بالحذف وتقديم هذا كله مُوَضِّحاً .
و «كل » مبتدأ و «جميع » خبره و «مُحْضَرُونَ » خبر ثان لا يختلف ذلك سواء شددت «لما » أم خففتها{[46093]} ، لا يقال : إن جميعاً تأكيد لا خبر ( لأن ){[46094]} «جميعها » هنا فَعِيل بمعنى مفعول أي :مجموعون فكل يدل على الإحاطة والشمول وجميع يدل على الاجتماع فمعناها حمل على لفظها{[46095]} كما في قوله : { جَمِيعٌ مُّنتَصِرٌ } [ القمر : 44 ] وقدم «جميع » في الموضعين لأجْل الفَوَاصِل{[46096]} و «لَدَيْنا » متعلق «بمُحْضَرُونَ »{[46097]} . فمن شدد{[46098]} «فلما » بمعنى إلا وإنْ نافية كما تقدم والتقدير : ومَا كُلُّ إلاَّ جميعٌ{[46099]} ، ومن خفَّفَ «فَإنْ » مخففة ( من الثقيلة ) واللام فارقة وما مزيدة{[46100]} . هذا قول البصريين{[46101]} . والكوفيون يقولون : إنَّ «إنْ » نافية واللام بمعنى{[46102]} إلا كما تقدم مراراً .
لما بين الإهلاك{[46103]} بين أن من أهْلَكَهُ ليس بتارك له بل بعده جمع وحبس وحساب وعقابٌ ولو أن من أهلك ترك لكان الموت راحةً ونعْمَ ما قال القائل :
4179- ولو أنّا إذا ما متْنَا تُرِكْنَا . . . لَكَانَ المَوْتُ رَاحَة كُلِّ حَيِّ
وَلكِنَّا إِذا مِتْنا بُعِثْنا . . . وَنُسْأَلُ بَعْدَهَا عَنْ كُلِّ شَيِّ
قال الزمخشري : إن قال قائل{[46104]} : «كل وجميع » بمعنى واحد فكيف جعل جميعاً خبراً ل «كلّ » حيث أدخل اللام عليه إذ التقدير :وإن كل لجميعٌ ؟ نقول معنى :«جميع » مجموع ومعنى :«كل » أي كل فرد مجموع مع الآخر مضموم إليه ويمكن أن يقال : «مُحْضَرُونَ » يعني{[46105]} كما{[46106]} ذكره وذلك لأنه لو قال : وإن جميع لجميع محضرون لكان كلاماً صحيحاً . قال ابن الخطيب : ولم يوجد ما ذكره من الجواب بل الصحيح أنَّ مُحْضَرُونَ كالصفة للجمع فكأنه قال :جميعٌ جميعٌ{[46107]} محضرون كما نقُول : الرجلُ رجلٌ عالم والنبيُّ نبيُّ مرسل . والواو في «وَإنْ كُلّ » يعطف على الحكاية كأنه يقول : بَيَّنْتُ لك ما ذكرت وأبين أن كُلاًّ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ{[46108]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.