البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَإِن كُلّٞ لَّمَّا جَمِيعٞ لَّدَيۡنَا مُحۡضَرُونَ} (32)

وقرأ عاصم ، وحمزة ، وابن عامر : بتثقيل لما ؛ وباقي السبعة : بتخفيفها .

فمن ثقلها كانت عنده بمعنى إلا ، وإن نافية ، أي ما كل ، أي كلهم { إلا جميع لدينا ، محضرون } : أي محشورون ، قاله قتادة .

وقال ابن سلام : معذبون ؛ وقيل : التقدير لمن ما وليس بشيء ، ومن خفف لما جعل إن المخففة من الثقيلة ، وما زائدة ، أي إن كل لجميع ، وهذا على مذهب البصريين .

وأما الكوفيون ، فإن عندهم نافية ، واللام بمعنى إلا ، وما زائدة ، ولما المشددة بمعنى إلا ثابت في لسان العرب بنقل الثقاة ، فلا يلتفت إلى زعم الكسائي أنه لا يعرف ذلك .

وقال أبو عبد الله الرازي : في كون لما بمعنى إلا معنى مناسب ، وهو أن لما كأنها حرفا نفي جميعاً .

وهما لم وما ، فتأكد النفي ؛ وإلا كأنها حرفا نفي إن ولا ، فاستعمل أحدهما مكان الآخر .

انتهى ، وهذا أخذه من قول الفراء في إلا في الاستثناء أنها مركبة من إن ولا ، إلا أن الفراء جعل إن المخففة من الثقيلة وما زائدة ، أي إن كل لجميع ، وهذا على مذهب البصريين .

وأما الكوفيون ، فإن عندهم نافية ، واللام بمعنى إلا ، وما زائدة ، ولما المشددة بمعنى إلا ثابت حرف نفي ، وهو قول مردود عند النحاة ركيك ، وما تركب منه وزاد تحريفاً أرك منه ، وكل بمعنى الإحاطة ، وجميع فعيل بمعنى مفعول ، ويدل على الاجتماع ، وجميع محضرون هنا على المعنى ، كما أفرد منتصر على اللفظ ، وكلاهما بعد جميع يراعى فيه الفواصل .