تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَإِن كُلّٞ لَّمَّا جَمِيعٞ لَّدَيۡنَا مُحۡضَرُونَ} (32)

الآية 32 [ بقوله تعالى ]{[17420]} : { وإن كل } يعني الأمم كلها ، يقول ، والله أعلم : وما كل { لمّا جميع لدينا مُحضَرون } في الآخرة ، أو يقول : { ألم يروا كم أهلكنا قبلهم من القرون أنهم إليهم لا يرجعون } أبدا حتى يوم القيامة ، وهما واحد .

[ والثاني ]{[17421]} : أن يكون ذلك يخرّج على إبطال قول أهل التناسخ حين{[17422]} قالوا : إن الأرواح إذا خرجت من أبدان قوم دخلت في أخرى ، فيقول : والله أعلم ، ردّا عليهم : { ألم يروا كم أهلكنا قبلهم من القرون أنهم إليهم لا يرجعون } : إذ لم يروا روحا{[17423]} ، خرج من جسد هذا ، ودخل في آخر .

[ والثالث ]{[17424]} : أن يكون ذلك يُخرّج على نقض قول قوم ، وهو ما ذُكر /445-ب/ عن ابن عباس رضي الله عنه أنه سُئل ، فقيل : إن ناسا يقولون إن عليًّا مبعوث قبل يوم القيامة ، فقال{[17425]} : بئس القوم نحن إذاكنا أنكحنا نساءهم ، وقسمنا ميراثهم ، ثم تلا : { ألم يروا كم أهلكنا قبلهم من القرون أنهم إليهم لا يرجعون } .

[ والرابع ]{[17426]} : أن يكون على إيجاب البعث أن من كذّب الرسل ومن صدّقهم ومن عمل ما يُحمد عليه وما يُذَمّ ، قد استَووا جميعا في هذه الدنيا ، فلا بد من دار أخرى يُميَّز [ فيها بين ]{[17427]} المُصدِّق وبين المكذّب وبين المحمود والمذموم .

يؤيّد ذلك قوله : { وإن كلٌّ لمّا جميع لدينا مُحضرون } وقوله : { لدينا } { وعندنا } [ ونحوهما ]{[17428]} من الظروف خصها بهذا الإسم ، وإن كانوا في جميع الأوقات كذلك لما ذكرنا أن المقصود من إنشاء هذه تلك ومن هذا العالم الفاني ذلك العالم الباقي ، إذ لو لم تكن تلك ولا ذلك العالم الباقي لم يكن إنشاء هذه حكمة ؛ لأنه يحصل الإنشاء والخلق على الإفناء خاصة . وإحداث الشيء للإفناء خاصة لا لعاقبة تُقصَد عبثٌ باطل .


[17420]:ساقطة من الأصل وم.
[17421]:في الأصل وم: أو.
[17422]:في الأصل وم: حيث.
[17423]:في الأصل وم: روحها أخبر أنه.
[17424]:في الأصل وم: أو.
[17425]:في الأصل وم: ثم قال.
[17426]:في الأصل وم: أو.
[17427]:في الأصل وم: بينهما.
[17428]:في الأصل وم: ونحوه.