معاني القرآن للفراء - الفراء  
{وَإِن كُلّٞ لَّمَّا جَمِيعٞ لَّدَيۡنَا مُحۡضَرُونَ} (32)

وقوله : { وَإِن كُلٌّ لَّما جَمِيعٌ 32 } :

شدّدها الأعمش وعاصم . وقد خفّفها قوم كثير منهم من قرَّاء أهل المدينة وبلغني أن علياً خفَفها . وهو الوجه ؛ لأنها ( ما ) أدخلت عَليها لام تكون جَوَاباً لإنْ ؛ كأنك قلت : وإن كلّ لجمع لدينا محضَرونَ . ولم يثقّلها مَن ثقّلها إلاَّ عن صَوَاب . فإن شئت أردت : وإن كل لِمَن ما جميع ، ثم حُذفت إحدى الميمات لكثرتهنَّ ؛ كما قَالَ :

غداة طفَتْ عَلْماء بكرُ بن وائل *** وعُجْنا صدورَ الخيل نحوَ تميم

والوجه الآخر من التثقيل أَن يجعَلوا ( لَما ) بمنزلة ( إلاَّ ) مع ( إنْ ) خاصة ، فتكون في مذهبها بمنزلة إنما إذا وضعتْ في معنى إلاَّ ، كأنها لَمْ ضُمّت إليها ما فصارا جميعاً استثناء وخرجتا من حدّ الجحد . ونُرى أن قول العرب ( إلاَّ ) إنما جمعوا بين إن التي تكون جحداً وضمّوا إليها ( لا ) فصارا جميعاً حرفاً واحداً ، وخرجا من حد الجحد إذ جمعتا فصارا حرفا واحداً . وكذلك لما . ومثل ذلك قوله : { لولا } ، إنما هي لو ضمت إليها لا فصارتا حرفا واحدا . وكان الكسائي ينفي هذا القول . ويقول : لا أعرف جهة لَما في التشديد في القراءة .