معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{۞كَذَّبَتۡ قَبۡلَهُمۡ قَوۡمُ نُوحٖ فَكَذَّبُواْ عَبۡدَنَا وَقَالُواْ مَجۡنُونٞ وَٱزۡدُجِرَ} (9)

قوله عز وجل { كذبت قبلهم } يعني : قبل أهل مكة ، { قوم نوح فكذبوا عبدنا } نوحاً ، { وقالوا مجنون وازدجر } يعني : زجروه عن دعوته ومقالته بالشتم والوعيد ، وقالوا : { لئن لم تنته يا نوح لتكونن من المرجومين }( الشعراء-116 ) ، وقال مجاهد معنى : ( ازدجر ) أي : استطير جنوناً .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{۞كَذَّبَتۡ قَبۡلَهُمۡ قَوۡمُ نُوحٖ فَكَذَّبُواْ عَبۡدَنَا وَقَالُواْ مَجۡنُونٞ وَٱزۡدُجِرَ} (9)

القول في تأويل قوله تعالى : { كَذّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذّبُواْ عَبْدَنَا وَقَالُواْ مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ * فَدَعَا رَبّهُ أَنّي مَغْلُوبٌ فَانتَصِرْ } .

وهذا وعيد من الله تعالى ذكره ، وتهديد للمشركين من أهل مكة وسائر من أرْسَلَ إليه رسولَه محمدا صلى الله عليه وسلم على تكذيبهم إياه ، وتقدم منه إليهم إن هم لم ينيبوا من تكذيبهم إياه ، أنه محلّ بهم ما أحل بالأمم الذين قصّ قصصهم في هذه السورة من الهلاك والعذاب ، ومنجّ نبيه محمدا والمؤمنين به ، كما نجّى من قبله الرسل وأتباعهم من نقمه التي أحلّها بأممهم ، فقال جلّ ثناؤه لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : كذّبت يا محمد قبل هؤلاء الذين كذّبوك من قومك ، الذين إذا رأوْا آية أعرضوا وقالوا سحر مستمرّ ، قوم نوح ، فكذبوا عبدنا نوحا إذ أرسلناه إليهم ، كما كذّبتك قريش إذ أتيتهم بالحقّ من عندنا وقالوا : هو مجنون وازدجر ، وهو افْتُعِل من زجرت ، وكذا تفعل العرب بالحرف إذا كان أوّله زايا صيروا تاء الافتعال منه دالاً من ذلك قولهم : ازدجر من زجرت ، وازدلف من زلفت ، وازديد من زدت .

واختلف أهل التأويل في المعنيّ الذي زَجَروه ، فقال بعضهم : كان زجرهم إياه أن قالوا : استُطِير جنونا . ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا يحيى ، عن سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد وَقالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ قال : استطير جنونا .

حدثنا ابن حُمَيد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد ، مثله .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : وَازْدَجِرْ قال : استُطير جنونا .

حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا محمد بن جعفر ، قال : حدثنا شعبة ، عن الحكم ، عن مجاهد في هذه الاَية وَقالُوا مَجْنُونٍ وَازْدُجِرَ قال : استعر جنونا .

حدثني موسى بن عبد الرحمن المسروقي ، قال : حدثنا زيد بن الحباب ، قال : وأخبرني شعبة بن الحجاج ، عن الحكم ، عن مجاهد ، مثله .

وقال آخرون : بل كان زجرهم إياه ، وعيدهم له بالشتم والرجم بالقول القبيح . ذكر من قال ذلك :

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : وَقالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ قال : اتهموه وزجروه وأوعدوه لئن لم يفعل ليكوننّ من المرجومين ، وقرأ لَئِنْ لَم تَنْتَهِ يا نُوحُ لَتَكُونَنّ مِنَ المَرْجُومِينَ .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{۞كَذَّبَتۡ قَبۡلَهُمۡ قَوۡمُ نُوحٖ فَكَذَّبُواْ عَبۡدَنَا وَقَالُواْ مَجۡنُونٞ وَٱزۡدُجِرَ} (9)

{ كذبت قبلهم قوم نوح } قبل قومك . { فكذبوا عبدنا } نوحا عليه السلام وهو تفصيل بعد إجمال ، وقيل معناه كذبوه تكذيبا على عقب تكذيب كلما خلا منهم قرن مكذب تبعه قرن مكذب ، أو كذبوه بعدما كذبوا الرسل . { وقالوا مجنون } هو مجنون . { وازدجر } وزجر عن التبليغ بأنواع الأذية ، وقيل إنه من جملة قيلهم أي هو مجنون وقد ازدجرته الجن وتخبطته .