فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{۞كَذَّبَتۡ قَبۡلَهُمۡ قَوۡمُ نُوحٖ فَكَذَّبُواْ عَبۡدَنَا وَقَالُواْ مَجۡنُونٞ وَٱزۡدُجِرَ} (9)

{ كذبت قبلهم } أي : قبل قريش { قوم نوح } أي كذبوا نبيهم وفي هذا تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم .

{ فكذبوا عبدنا } تفصيل بعد إجمال ، وتفسير لما قبله من التكذيب المبهم ، وفيه مزيد تقرير وتأكيد أي فكذبوا نوحا والفاء على هذا تفصيلية فإن التفصيل يكون عقب الإجمال ، وقيل معناه كذبوه تكذيبا بعد تكذيب كلما مضى منهم قرن مكذب ، تبعه قرن مكذب والفاء حينئذ للتعقيب ، والمكذب الثاني غير الأول ، وإن اتحد المكذب أو كذبوه بعدما كذبوا جميع الرسل والفاء على هذا للتسبب ، وإنما لم يرتض القاضي هذين الوجهين ، وإن جرى في الكشاف عليهما ، لأن الظاهر هو الاتحاد في كليهما .

ثم بين سبحانه أنهم لم يقتصروا على مجرد التكذيب فقال : { وقالوا مجنون } أي نسبوا نوحا إلى الجنون { وازدجر } معطوف على قالوا ، أي وزجر عن دعوى النبوة ، وعن تبليغ ما أرسل به بأنواع الزجر ، وقيل : إنه معطوف على مجنون ، أي : وقالوا : إنه ازدجرته الجن وتخبطته ، وذهبت بلبه ، والأول أولى ، قال مجاهد : هو من كلام الله سبحانه أخبر عنه بأنه انتهر وزجر بالسب ، وأنواع الأذى ، قال الرازي : وهذا أصح لأن المقصود تقوية قلب النبي صلى الله عليه وسلم بذكر من تقدمه .