الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{۞كَذَّبَتۡ قَبۡلَهُمۡ قَوۡمُ نُوحٖ فَكَذَّبُواْ عَبۡدَنَا وَقَالُواْ مَجۡنُونٞ وَٱزۡدُجِرَ} (9)

{ قَبْلَهُمْ } قبل أهل مكة { فَكَذَّبُواْ عَبْدَنَا } يعني نوحاً .

فإن قلت : ما معنى قوله تعالى : { فَكَذَّبُواْ } بعد قوله : { كَذَّبَتْ } ؟ قلت : معناه : كذبوا فكذبوا عبدنا أي : كذبوه تكذيباً على عقب تكذيب ، كلما مضى منهم قرن مكذب تبعه قرن مكذب . أو كذبت قوم نوح الرسل فكذبوا عبدنا ، أي : لما كانوا مكذبين بالرسل جاحدين للنبوّة رأساً ، كذبوا نوحًا ؛ لأنه من جملة الرسل { مَّجْنُونٍ } هو مجنون { وازدجر } وانتهروه بالشتم والضرب والوعيد بالرجم في قولهم { لَتَكُونَنَّ مِنَ المرجومين } [ الشعراء : 116 ] وقيل : هو من جملة قيلهم ، أي : قالوا هو مجنون ، وقد ازدجرته الجن وتخبطته وذهبت بلبه وطارت بقلبه .