معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{فَإِذَا ٱنشَقَّتِ ٱلسَّمَآءُ فَكَانَتۡ وَرۡدَةٗ كَٱلدِّهَانِ} (37)

قوله تعالى : { فبأي آلاء ربكما تكذبان* فإذا انشقت } ، انفرجت ، { السماء } ، فصارت أبواباً لنزول الملائكة . { فكانت وردة } أي كلون الفرس الورد ، وهو الأبيض الذي يضرب إلى الحمرة والصفرة ، قال قتادة : إنها اليوم خضراء ، ويكون لها يومئذ لون آخر يضرب إلى الحمرة . وقيل : إنها تتلون ألوانا يومئذ كلون الفرس الورد يكون في الربيع أصفر وفي الشتاء أحمر فإذا اشتد الشتاء كان أغبر فشبه السماء في تلونها عند انشقاقها بهذا الفرس في تلونه . { كالدهان } جمع دهن . شبه تلون السماء بتلون الورد من الخيل ، وشبه الوردة في اختلاف ألوانها بالدهن واختلاف ألوانه ، وهو قول الضحاك ومجاهد وقتادة والربيع . وقال عطاء بن أبي رباح : كالدهان كعصير الزيت يتلون في الساعة ألوانا وقال مقاتل : كدهن الورد الصافي . وقال ابن جريج تصير السماء كالدهن الذائب وذلك حين يصيبها حر جهنم . وقال الكلبي : كالدهان أي كالأديم الأحمر وجمعه أدهنة ودهن .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{فَإِذَا ٱنشَقَّتِ ٱلسَّمَآءُ فَكَانَتۡ وَرۡدَةٗ كَٱلدِّهَانِ} (37)

ثم بين - سبحانه - بعد ذلك جانبا من أهوال يوم القيامة ، ومن العذاب الذى يحيط بالمجرمين ، وينزل بهم ، فقال - تعالى - : { فَإِذَا انشقت . . . } .

جواب " إذا " فى قوله - سبحانه - : { فَإِذَا انشقت السمآء فَكَانَتْ وَرْدَةً كالدهان } محذوف لتهويل أمره . . .

وقوله - سبحانه - : { فَكَانَتْ وَرْدَةً } تشبيه بليغ ، أى : فكانت كالوردة فى الحمرة .

والوردة جمعها ورود ، وهى زهرة حمراء معروفة ذات أغصان شائكة . والدهان : ما يدهن به الشىء . . . أى : فإذا انشقت السماء ، فصارت حين انشقاقها وتصدعها ، كالوردة الحمراء فى لونها ، وكالدهان الذى يدهن به الشىء فى ذوبانها وسيلانها ، رأيت ما يفزع القلوب ، ويزلزل النفوس من شدة الهول .

وشبيه بهذه الآية قوله - تعالى - : { وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السمآء بالغمام وَنُزِّلَ الملائكة تَنزِيلاً الملك يَوْمَئِذٍ الحق للرحمن وَكَانَ يَوْماً عَلَى الكافرين عَسِيراً } وقوله - سبحانه - : { فَإِذَا نُفِخَ فِي الصور نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ وَحُمِلَتِ الأرض والجبال فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الواقعة وانشقت السمآء فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ } وقوله - عز وجل - : { يَوْمَ تَكُونُ السمآء كالمهل وَتَكُونُ الجبال كالعهن وَلاَ يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً }

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{فَإِذَا ٱنشَقَّتِ ٱلسَّمَآءُ فَكَانَتۡ وَرۡدَةٗ كَٱلدِّهَانِ} (37)

تفريع إخبار على إخبار فرع على بعض الخبر المجمل في قوله : { سنفرغ لكم أيها الثقلان } [ الرحمن : 31 ] إلى آخره ، تفصيل لذلك الإجمال بتعيين وقته وشيء من أهوال ما يقع فيه للمجرمين وبشائر ما يعطاه المتّقون من النعيم والحبور .

وقوله : { فكانت وردة } تشبيه بليغ ، أي كانت كوَرْدة .

والوَرْدَة : واحدة الورد ، وهو زهر أحمر من شجرة دقيقة ذات أغصان شائكة تظهر في فصل الربيع وهو مشهور . ووجه الشبه قيل هو شدة الحمرة ، أي يتغير لون السماء المعروف أنه أزرق إلى البياض ، فيصير لونها أحمر قال تعالى : { يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات } [ إبراهيم : 48 ] . ويجوز عندي : أن يكون وجه الشبه كثرة الشقوق كأوراق الوردة .

والدهان ، بكسر الدال : دردي الزيت . وهذا تشبيه ثان للسماء في التموج والاضطراب .