الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{فَإِذَا ٱنشَقَّتِ ٱلسَّمَآءُ فَكَانَتۡ وَرۡدَةٗ كَٱلدِّهَانِ} (37)

{ فَإِذَا انشَقَّتِ } انفرجت { السَّمَآءُ } فصارت أبواباً لنزول الملائكة ، بيانه قوله سبحانه :

{ وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَآءُ بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ الْمَلاَئِكَةُ تَنزِيلاً } [ الفرقان : 25 ] { فَكَانَتْ } صارت { وَرْدَةً } مشرقة ، وقيل : متغيّرة ، وقيل : بلون الورد .

قال قتادة : إنها اليوم خضراء وسيكون لها يومئذ لون آخر { كَالدِّهَانِ } اختلفوا فيه . قال ابن عباس والضحاك وقتادة والربيع : يعني كلون غرس الورد ، يكون في الربيع كميتاً أصفر ، فإذا ضربه أول الشتاء يكون كميتاً أحمر ، فإذا اشتدّ الشتاء يكون كميتاً أغبر ، فشبه السماء في تلوّنها عند انشقاقها بهذا الغرس في تلوّنه ، وقال مجاهد وأبو العالية : كالدّهن ، وهي رواية شيبان عن قتادة ، قال : الدهان جمع الدهن ، وللدهن ألوان ، شبّه السماء بألوانه . ( وقال : ) عطاء بن أبي رياح : كعصير الزيت يتلوّن في الساعة ألواناً .

( وقال : ) الحسين بن الفضل : كصبيب الدهن يتلوّن . ( وقال : ) ابن جريج : تذوب السماء كالدهن الذائب وذلك حين يصيبها حر جهنم ، ( وقال : ) مقاتل : كدهن الورد الصافي . ( وقال ) مؤرخ : كالوردة الحمراء ، ( وقال : ) الكلبي : كالأديم الأحمر ، وجمعه أدهنة .

{ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } أخبرني ابن فنجويه قال : حدّثنا ابن ماجة ، قال : حدّثنا ابن أيوب قال : حدّثنا لقمان الحنفي قال " أتى النبي صلى الله عليه وسلم على شاب في جوف الليل وهو يقرأ هذه الآية : { فَإِذَا انشَقَّتِ السَّمَآءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ } فوقف الشاب وخنقته العبرة وجعل يقول : ويحي من يوم تنشق فيه السماء ، ويحي ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم " يا فتى مثلها أو مثّلها ، فوالذي نفسي بيده لقد بكت الملائكة يا فتى من بكائك " .