النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{فَإِذَا ٱنشَقَّتِ ٱلسَّمَآءُ فَكَانَتۡ وَرۡدَةٗ كَٱلدِّهَانِ} (37)

{ فَإِذَا انشَقَّتِ السَّمَآءُ } يعني يوم القيامة .

{ فَكَانَتْ وَرْدَةً } فيه وجهان :

أحدهما : وردة البستان ، وهي حمراء ، وقد تختلف ألوانها لكن الأغلب من ألوانها الحمرة ، وبها يضرب المثل في لون الحمرة ، قال عبد بني الحسحاس :

فلو كنت ورداً لونه لعشقتني *** ولكن ربي شانني بسواديا

كذلك تصير السماء يوم القيامة حمراء كالورد ، قاله ابن بحر .

الثاني : أنه أراد بالوردة الفرس الورد يكون في الربيع أصفر وفي الشتاء أغبر ، فشبه السماء يوم القيامة في اختلاف ألوانها بالفرس{[2855]} الورد ، لاختلاف ألوانه ، قاله الكلبي والفراء .

وفي قوله : { كَالدِّهَانِ } خمسة أوجه :

أحدها : يعني خالصة ، قاله الضحاك .

الثاني : صافية ، قاله الأخفش .

الثالث : ذات ألوان ، قاله الحسن .

الرابع : صفراء كلون الدهن ، وهذا قول عطاء الخراساني ، وأبي الجوزاء .

الخامس : الدهان الأديم الأحمر ، قاله ابن عباس ، قال الأعشى :

وأجرد من فحول الخيل طرف *** كأن على شواكله دهانا{[2856]}

وزعم المتقدمون أن أصل لون السماء الحمرة ، وأنها لكثرة الحوائل وبعد المسافة ترى بهذا اللون الأزرق ، وشبهوا ذلك بعروق البدن هي حمراء كحمرة الدم وترى بالحائل زرقاء ، فإن كان هذا صحيحاً فإن السماء لقربها من النواظر يوم القيامة وارتفاع الحواجز ترى حمراء لأنه أصل لونها .


[2855]:بالرجوع على اللسان وإلى تفسير القرطبي وجدت أنه لا تحريف في كلام المؤلف. انظر اللسان- ورد.
[2856]:الطرف: الكريم. شواكله: جوانبه.