معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{ٱذۡهَب بِّكِتَٰبِي هَٰذَا فَأَلۡقِهۡ إِلَيۡهِمۡ ثُمَّ تَوَلَّ عَنۡهُمۡ فَٱنظُرۡ مَاذَا يَرۡجِعُونَ} (28)

فقال للهدهد { اذهب بكتابي هذا فألقه إليهم } قرأ أبو عمرو ، وعاصم ، وحمزة : ساكنة الهاء ، ويختلسها أبو جعفر ، ويعقوب ، وقالون كسراً ، والآخرون بالإشباع كسراً ، { ثم تول عنهم } تنح عنهم فكن قريباً منهم ، { فانظر ماذا يرجعون } يردون من الجواب . وقال ابن زيد : في الآية تقديم وتأخير مجازها : اذهب بكتابي هذا فألقه إليهم فانظر ماذا يرجعون ، ثم تول عنهم ، أي : انصرف إلي ، فأخذ الهدهد الكتاب فأتى به إلى بلقيس ، وكانت بأرض يقال لها مأرب من صنعاء على ثلاثة أيام ، فوفاها في قصرها وقد غلقت الأبواب ، وكانت إذا رقدت غلقت الأبواب وأخذت المفاتيح فوضعتها تحت رأسها ، فأتاها الهدهد وهي نائمة مستلقية على قفاها ، فألقى الكتاب على نحرها ، هذا قول قتادة . وقال مقاتل : حمل الهدهد الكتاب بمنقاره حتى وقف على رأس المرأة وحولها القادة والجنود فرفرف ساعة والناس ينظرون إليه ، حتى رفعت المرأة رأسها فألقى الكتاب في حجرها . وقال ابن منبه ، وابن زيد : كانت لها كوة مستقبلة الشمس تقع الشمس فيها حين تطلع ، فإذا استبطأت إليها سجدت لها ، فجاء الهدهد الكوة فسدها بجناحه فارتفعت الشمس ولم تعلم ، فلما استبطأت الشمس قامت تنظر ، فرمى بالصحيفة إليها ، فأخذت بلقيس الكتاب ، وكانت قارئة ، فلما رأت الخاتم أرتعدت وخضعت لأن ملك سليمان كان في خاتمه ، وعرفت أن الذي أرسل الكتاب إليها أعظم ملكاً منها ، فقرأت الكتاب ، وتأخر الهدهد غير بعيد ، فجاءت حتى قعدت على سرير ملكها وجمعت الملأ من قومها ، وهم اثنا عشر ألف قائد مع كل قائد مائة ألف مقاتل . وعن ابن عباس قال : كان مع بلقيس مائة ألف قيل ، كان مع كل مائة ألف ، والقيل الملك دون الملك الأعظم ، وقال قتادة ومقاتل : كان أهل مشورتها ثلثمائة وثلاثة عشر رجلاً كل رجل منهم على عشرة آلاف ، قال : فجاؤوا وأخذوا مجالسهم .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{ٱذۡهَب بِّكِتَٰبِي هَٰذَا فَأَلۡقِهۡ إِلَيۡهِمۡ ثُمَّ تَوَلَّ عَنۡهُمۡ فَٱنظُرۡ مَاذَا يَرۡجِعُونَ} (28)

وقوله - تعالى - : { اذهب بِّكِتَابِي هذا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فانظر مَاذَا يَرْجِعُونَ } بيان لما أمر به سليمان - عليه السلام - الهدهد ، بعد أن قال له : سننظر أصدقت أم كنت من الكاذبين .

أى : خذ - أيها الهدهد - كتابى هذا . فاذهب به إلى هؤلاء القوم من أهل سبأ ، { ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ } أى : ثم انصرف عنهم إلى مكان قريب منهم { فانظر مَاذَا يَرْجِعُونَ } أى : فتأمل ماذا يقول بعضهم لبعض ، وبماذا يراجع بعضهم بعضاً ، ثم أخبرنى بذلك .

قال ابن كثير : وذلك أن سليمان - عليه السلام - كتب كتاباً إلى بلقيس وقومها ، وأعطاه لذلك الهدهد فحمله . . . وذهب به إلى بلادهم ، فجاء فى قصر بقليس . إلى الخلوة التى كانت تختلى فيها بنفسها ، فألقاه إليها من كوة هنالك بين يديها . ثم تولى ناحية أدبا ، فتحريت مما رأت . وهالها ذلك ، ثم عمدت إلى الكتاب فأخذته ، ففتحت ختمه وقرأته . . " .

وقال صاحب الكشاف : " فإن قلت : لم قال : فألقه إليهم . على لفظ الجمع ؟ قلت : لأنه قال : { وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ } فقال : فألقهِ إلى الذين هذا دينهم ، اهتماماً منه بأمر الدين ، واشتغالاً به عن غيره . وبنى الخطاب فى الكتاب على لفظ الجمع لذلك " .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{ٱذۡهَب بِّكِتَٰبِي هَٰذَا فَأَلۡقِهۡ إِلَيۡهِمۡ ثُمَّ تَوَلَّ عَنۡهُمۡ فَٱنظُرۡ مَاذَا يَرۡجِعُونَ} (28)

{ اذهب بكتابي هذا فألقه إليهم ثم تول عنهم } ثم تنح عنهم إلى مكان قريب تتوارى فيه . { فانظر ماذا يرجعون } ما يرجع بعضهم إلى بعض من القول .