ثم شرع فيما يختبره به فكتب له كتاباً على الفور في غاية الوجازة قصداً للإسراع في إزالة المنكر على تقدير صدق الهدهد بحسب الاستطاعة ، ودل على إسراعه في كتابته بقوله جواباً له : { اذهب بكتابي هذا } فكأنه كان مهيأ عنده فدفعه إليه وأمره بالإسراع ، فطار كأنه البرق ولهذا أشار بالفاء في قوله : { فألقه إليهم } أي : الذين ذكرت أنهم يعبدون الشمس وذلك للاهتمام بأمر الدين ، وقرأ أبو عمرو وشعبة وخلاد بخلاف عنه فألقه بسكون الهاء ، واختلس الكسرة قالون وهشام بخلاف عنه ، والباقون بإشباع الكسرة . { ثم } قال له إذا ألقيته إليهم { تولّ } أي : تنحّ { عنهم } إلى مكان تسمع فيه كلامهم ولا يصلون معه إليك { فانظر ماذا يرجعون } أي : يردّون من الجواب ، وقال ابن زيد في الآية تقديم وتأخير ، مجازها اذهب بكتابي هذا فألقه إليهم فانظر ماذا يرجعون ، ثم توّل عنهم أي : انصرف إليّ ، فأخذ الهدهد الكتاب وأتى إلى بلقيس وكانت بأرض يقال لها مأرب من صنعاء على ثلاثة أيام .
قال قتادة : فوافاها في قصرها وقد غلقت الأبواب وكانت إذا رقدت غلقت الأبواب وأخذت المفاتيح فوضعتها تحت رأسها ، فأتاها الهدهد وهي نائمة مستلقية على قفاها فألقى الكتاب على نحرها ، وقيل نقرها فانتبهت فزعة ، وقال مقاتل : حمل الهدهد الكتاب بمنقاره حتى وقف على رأس المرأة وحولها القادة والجنود فرفرف ساعة ، والناس ينظرون إليه حتى رفعت المرأة رأسها فألقى الكتاب في حجرها ، وقال وهب بن منبه وابن زيد : كانت لها كوة مستقبلة الشمس تقع الشمس فيها حين تطلع فإذا نظرت إليها سجدت لها ، فجاء الهدهد إلى الكوّة فسدها بجناحه فارتفعت الشمس ولم تعلم بها ، فلما استبطأت الشمس قامت تنظر إليها ، فرمى بالصحيفة إليها فأخذت بلقيس الكتاب وكانت قارئة فلما رأت الخاتم ارتعدت وخضعت لأنّ ملك سليمان كان في خاتمه وعرفت أنّ الذي أرسل الكتاب أعظم ملكاً منها ، وقرأت الكتاب وتأخر الهدهد فجاءت حتى قعدت على سرير ملكها وجمعت الملأ من قومها وهم اثنا عشر ألف قائد مع كل قائد ألف مقاتل ، وعن ابن عباس قال : كان مع بلقيس مائة ألف ، قيل مع كل قيل مائة ألف ، والقيل : الملك دون الملك الأعظم ، وقال قتادة ومقاتل : كان أهل مشورتها ثلثمائة وثلاثة عشر رجلاً كل رجل منهم على عشرة آلاف .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.