قوله : «فَأَلْقِهِ » ، قرأ أبو عمرو وحمزة وأبو بكر بإسكان الهاء ، وقالون بكسرها فقط من غير صلة بلا خلاف عنه ، وهشام عنه وجهان : القصر والصلة{[38800]} ، والباقون بالصلة بلا خلاف ، وتقدم توجيه ذلك في «آل عمران » و «النساء » وغيرهما{[38801]} ، عند { يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ } [ آل عمران : 75 ] و { نُوَلِّهِ مَا تولى }{[38802]} . وقرأ مسلم بن جندب{[38803]} بضم الهاء موصولة بواو «فَأَلْقِهُو إِلَيْهِمْ »{[38804]} ، وقد تقدم أن الضم الأصل ، وقال «إليهم » - على لفظ الجمع - لأنه قال : { وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ } [ النمل : 24 ] والمعنى : فألقه إلى الذين هذا دينهم{[38805]} .
قوله : { ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ } ، زعم أبو علي وغيره أن في الكلام تقديماً ، وأن الأصل : فانظر ماذا يرجعون ، ثم تول عنهم{[38806]} . ولا حاجة إلى هذا ، لأن المعنى بدونه صحيح ، أي : قف قريباً منهم{[38807]} لتنظر{[38808]} ماذا يكون{[38809]} .
قوله : «مَاذَا يَرْجِعُونَ » إن جعلنا ( انظر ) بمعنى : تأمل وتفكر كانت «ما » استفهامية ، وفيها حينئذٍ وجهان :
أحدهما : أن يجعل مع «ذا » بمنزلة اسم واحد ، وتكون مفعولة ب «يرجعون » تقديره : أي شيء ترجعون .
والثاني : أن يجعل «ما » مبتدأ ، و «ذا » بمعنى الذي ، و «يرجعون » صلتها ، وعائدها محذوف تقديره : أي شيء الذي يرجعونه ، وهذا الموصول هو خبر ما الاستفهامية وعلى التقديرين فالجملة الاستفهامية مُعَلِّقة ل «انظر » فمحلّها النصب على إٍسقاط الخافض أي : انظر في كذا وفكر فيه وإن جعلناه بمعنى انتظر من قوله { انظرونا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ } [ الحديد : 13 ] كانت «مَاذَا » بمعنى الذي ، ( و «يَرْجعُونَ » صلتها وعائدها محذوف ){[38810]} ، والعائد مقدّر كما تقرر وهذا الموصول مفعول به ، أي : انتظر الذي يرجعون . قال{[38811]} أبو حيان : و «ماذا »{[38812]} إن كان معنى{[38813]} «فانظُر » معنى التأمل بالفكر كان انظر معلقاً ، و «ماذا » إما{[38814]} أن يكون كلمة{[38815]} استفهام في موضع نصب ، وإما أن يكون «ما » استفهاماً ، و «ذا » موصولة بمعنى الذي ، فعلى الأول يكون «يرجعون » خبراً عن «ماذا » ، وعلى الثاني يكون «ذا » هو الخبر ، و «يرجعون » صلة{[38816]} انتهى .
وهذا غلط إما من الكاتب ، وإما من غيره ؛ وذلك أن قوله : «فعلى الأول » يعني به أن «ماذا »{[38817]} كلمة استفهام في موضع{[38818]} نصب يمنع قوله : «يَرْجِعُونَ » خبراً{[38819]} عن «ماذا » ، كيف يكون خبراً عنه وهو منصوب به كما تقرر ، وقد صرَّح هو بأنه منصوب يعني بما بعده ولا يعمل فيه ما قبله ، وهذا نظير ما تقدم في آخر السورة قبلها في قوله : { وَسَيَعْلَمْ الذين ظلموا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ } [ الشعراء : 227 ] في كون اسم الاستفهام معمولاً لما بعده ، وهو معلق لما قبله ، فكما حكمت على الجملة من «يَنْقَلِبُونَ »{[38820]} وما اشتملت عليه من اسم الاستفهام المعمول لها بالنصب على سبيل التعليق ، كذلك يحكم على «يَرْجِعُونَ » فكيف تقول : إنها خبر ؟ .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.