فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{ٱذۡهَب بِّكِتَٰبِي هَٰذَا فَأَلۡقِهۡ إِلَيۡهِمۡ ثُمَّ تَوَلَّ عَنۡهُمۡ فَٱنظُرۡ مَاذَا يَرۡجِعُونَ} (28)

ثم بيّن سليمان هذا النظر الذي وعد به فقال : { اذهب بّكِتَابِي هذا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ } أي إلى أهل سبأ . قال الزجاج : في " ألقه " خمسة أوجه : إثبات الياء في اللفظ وحذفها ، وإثبات الكسرة للدلالة عليها ، وبضم الهاء وإثبات الواو ، وبحذف الواو وإثبات الضمة للدلالة عليها ، وبإسكان الهاء . وقرأ بهذه اللغة الخامسة أبو عمرو وحمزة وأبو بكر . وقرأ قالون بكسر الهاء فقط من غير ياء . وروي عن هشام وجهان : إثبات الياء لفظاً ، وحذفها مع كسر الهاء . وقرأ الباقون بإثبات الياء في اللفظ . وقوله { بّكِتَابِي هذا } يحتمل أن يكون اسم الإشارة صفة للكتاب ، وأن يكون بدلاً منه ، وأن يكون بياناً له ، وخصّ الهدهد بإرساله بالكتاب لأنه المخبر بالقصة ، ولكونه رأى منه من مخايل الفهم والعلم ما يقتضي كونه أهلاً للرسالة { ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ } أي تنحّ عنهم ، أمره بذلك لكون التنحي بعد دفع الكتاب من أحسن الآداب التي يتأدب بها رسول الملوك ، والمراد التنحي إلى مكان يسمع فيه حديثهم حتى يخبر سليمان بما سمع ، وقيل معنى التولي : الرجوع إليه ، والأوّل أولى لقوله : { فانظر مَاذَا يَرْجِعُونَ } أي تأمل وتفكر فيما يرجع بعضهم إلى بعض من القول وما يتراجعونه بينهم من الكلام .

/خ40