إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{ٱذۡهَب بِّكِتَٰبِي هَٰذَا فَأَلۡقِهۡ إِلَيۡهِمۡ ثُمَّ تَوَلَّ عَنۡهُمۡ فَٱنظُرۡ مَاذَا يَرۡجِعُونَ} (28)

وقولُه تعالى { اذهب بّكِتَابِي هذا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ } استئنافٌ مبيِّنٌ لكيفيةِ النَّظر الذي وعدَه عليه الصَّلاة والسَّلام ، وقد قاله عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ بعدما كتبَ كتابَه في ذلكَ المجلسِ أو بعدَهُ . وتخصيصُه عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ إيَّاه بالرِّسالةِ دونَ سائرِ ما تحتَ مُلكِه من أمناءِ الجنِّ الأقوياءِ على التصرف والتعرُّفِ لما عاينَ فيه من مخايل العلمِ والحكمةِ وصحَّةِ الفراسةِ ولئلاَّ يبقى له عذرٌ أصلاً { ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ } أي تنحَّ إلى مكانٍ قريبٍ تَتَوارى فيه { فانظر } أي تأمَّلَ وتعرَّفْ { مَاذَا يَرْجِعُونَ } أي ماذا يرجعُ بعضُهم إلى بعضٍ من القول . وجمعُ الضمائرِ لما أنَّ مضمونَ الكتابِ الكريمِ دعوةُ الكُلِّ إلى الإسلام .