معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{كَذَّبَتۡ قَبۡلَهُمۡ قَوۡمُ نُوحٖ وَٱلۡأَحۡزَابُ مِنۢ بَعۡدِهِمۡۖ وَهَمَّتۡ كُلُّ أُمَّةِۭ بِرَسُولِهِمۡ لِيَأۡخُذُوهُۖ وَجَٰدَلُواْ بِٱلۡبَٰطِلِ لِيُدۡحِضُواْ بِهِ ٱلۡحَقَّ فَأَخَذۡتُهُمۡۖ فَكَيۡفَ كَانَ عِقَابِ} (5)

قوله تعالى : { كذبت قبلهم قوم نوح والأحزاب من بعدهم } وهم الكفار الذين تحزبوا على أنبيائهم بالتكذيب من بعد قوم نوح . { وهمت كل أمة برسولهم ليأخذوه } قال ابن عباس : ليقتلوه ويهلكوه ، وقيل : ليأسروه . والعرب تسمي الأسير أخيذا . { وجادلوا بالباطل ليدحضوا } ليبطلوا . { به الحق } الذي جاء به الرسل ، ومجادلتهم ، مثل قولهم : { إن أنتم إلا بشر مثلنا } ( إبراهيم-10 ) { لولا أنزل علينا الملائكة { ( الفرقان-21 ) ونحو ذلك .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{كَذَّبَتۡ قَبۡلَهُمۡ قَوۡمُ نُوحٖ وَٱلۡأَحۡزَابُ مِنۢ بَعۡدِهِمۡۖ وَهَمَّتۡ كُلُّ أُمَّةِۭ بِرَسُولِهِمۡ لِيَأۡخُذُوهُۖ وَجَٰدَلُواْ بِٱلۡبَٰطِلِ لِيُدۡحِضُواْ بِهِ ٱلۡحَقَّ فَأَخَذۡتُهُمۡۖ فَكَيۡفَ كَانَ عِقَابِ} (5)

{ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ } أى : قبل هؤلاء الكافرين المجادلين بالباطل ليدحضوا به الحق { قَوْمُ نُوحٍ } الذين أغرقناهم بسبب هذا التكذيب لنبيهم .

{ والأحزاب مِن بَعْدِهِمْ } أى : وكذلك الأقوام الآخرون الذين جاءوا من بعد قوم نوح ، قد تحزبوا على أنبيائهم ، وأجمعوا على تكذيبهم ، كما فعل قوم عاد مع نبيهم هود ، وكما فعل قوم ثمود مع نبيهم صالح ، وكما فعل أهل مدين مع نبيهم شعيب . .

فالضمير فى قوله - تعالى - : { مِن بَعْدِهِمْ } يعود إلى قوم نوح .

وأفردهم - سبحانه - بالذكر لأنهم أول قوم كذبوا رسولهم بعد أن مكث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما . ولم يزدهم دعاؤه لهم إلا عتوا ونفورا .

وقوله - تعالى - : { وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ وَجَادَلُوا بالباطل لِيُدْحِضُواْ بِهِ الحق } بيان لما فعله هؤلاء الأقوام المجرمين ، لم يكتفوا بالتكذيب لأنبيائهم ، بل إن كل أمة منهم قد مكرت بنبيها ، وأرادت به السوء ، وحاولت أن تتمكن منه بالأسر أو بالقتل ، وجادلته بالجدال الباطل ، لتزيل به الحق الذى جاء به من عند ربه وتبطله .

والتعبير بقوله : { لِيَأْخُذُوهُ } يشعر بأن هؤلاء المجرمين كانوا حريصين على التمكن من إيذاء نبيهم ومن الاعتداء عليه ، كما يحرص الشخص على أخذ عدوه وأسره ليفعل به ما يشاء .

وقوله - تعالى - : { فَأَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ } بيان لما آل إليه مكرهم وجدالهم بالباطل .

أى : هموا بما هموا ، وجادلوا بالباطل ليدحضوا به الحق ، وحاولوا أن يجعلوا رسولهم بمنزلة الأسير فيهم . فكانت نتيجة كل ذلك أن أخذناهم أخذ عزيز مقتدر ، بأن دمرناهم تدميرا فكيف كان عقابى لهم ؟ لقد كان عقابا مدمرا ، جعلهم أثرا بعد عين ، وترك آثار مساكنهم تشهد بهلاكهم واستئصالهم .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{كَذَّبَتۡ قَبۡلَهُمۡ قَوۡمُ نُوحٖ وَٱلۡأَحۡزَابُ مِنۢ بَعۡدِهِمۡۖ وَهَمَّتۡ كُلُّ أُمَّةِۭ بِرَسُولِهِمۡ لِيَأۡخُذُوهُۖ وَجَٰدَلُواْ بِٱلۡبَٰطِلِ لِيُدۡحِضُواْ بِهِ ٱلۡحَقَّ فَأَخَذۡتُهُمۡۖ فَكَيۡفَ كَانَ عِقَابِ} (5)

كما قال : { كذبت قبلهم قوم نوح والأحزاب من بعدهم } والذين تحزبوا على الرسل وناصبوهم بعد قوم نوح كعاد وثمود . { وهمت كل أمة } من هؤلاء . { برسولهم } وقرئ " برسولها " . { ليأخذوه } ليتمكنوا من إصابته بما أرادوا من تعذيب وقتل من الأخذ بمعنى الأسر . { وجادلوا بالباطل } بما لا حقيقة له . { ليدحضوا به الحق } ليزيلوه به . { فأخذتهم } بالإهلاك جزاء لهم . { فكيف كان عقاب } فإنكم تمرون على دياهم وترون أثره . وهو تقرير فيه تعجيب .