جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{كَذَّبَتۡ قَبۡلَهُمۡ قَوۡمُ نُوحٖ وَٱلۡأَحۡزَابُ مِنۢ بَعۡدِهِمۡۖ وَهَمَّتۡ كُلُّ أُمَّةِۭ بِرَسُولِهِمۡ لِيَأۡخُذُوهُۖ وَجَٰدَلُواْ بِٱلۡبَٰطِلِ لِيُدۡحِضُواْ بِهِ ٱلۡحَقَّ فَأَخَذۡتُهُمۡۖ فَكَيۡفَ كَانَ عِقَابِ} (5)

{ كذبت قبلهم قوم نوح والأحزاب } : الذين تحزبوا على رسلهم بالتكذيب ، { من بعدهم } : كعاد وثمود ، { وهمت كل أمة } : من هؤلاء { برسلهم ليأخذوه } : ليأسروه فيقتلوه أو يعذبوه ، { وجادلوا{[4345]} بالباطل ليدحضوا } : ليزيلوا { به الحق فأخذتهم } : أخذ إهلاك جزاء لهمهم وفعلهم { فكيف كان عقاب } ، هذا الاستفهام بكيف حمل على الإقرار وفيه تعجيب للسامعين


[4345]:والمراد الجدال بالباطل والقصد إلى دحض الحق كما في قوله: {وجادلوا بالباطل ليدحضوا به الحق} وأما الجدال لاستيضاح الحق ورد أهل الزيغ فهو من أعظم ما يتقرب به المتقربون قال تعالى:{ ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن} [العنكبوت:46] فتلخص أن الجدال نوعان: جدال في تقرير الحق، وجدال في تقرير الباطل، أما الأول فهو حرفة الأنبياء عليهم السلام ومنه قوله تعالى حكاية عن قوم نوح- عليه السلام:{يا نوح قد جادلتنا فأكثرت جدالنا} [هود:32]، أما الثاني فهو مذموم وهو المراد هنا في الحديث"إن الجدال في القرآن كفر" رواه أبو داود [صحيح، أخرجه أحمد والحاكم، وعزوه إلى أبي داود وهم، وانظر صحيح الجامع (3106)]، ثم نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الاغترار بشيء من حظوظهم الدنيوية فقال: "فلا يغررك" الآية/ 12 فتح.