فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{كَذَّبَتۡ قَبۡلَهُمۡ قَوۡمُ نُوحٖ وَٱلۡأَحۡزَابُ مِنۢ بَعۡدِهِمۡۖ وَهَمَّتۡ كُلُّ أُمَّةِۭ بِرَسُولِهِمۡ لِيَأۡخُذُوهُۖ وَجَٰدَلُواْ بِٱلۡبَٰطِلِ لِيُدۡحِضُواْ بِهِ ٱلۡحَقَّ فَأَخَذۡتُهُمۡۖ فَكَيۡفَ كَانَ عِقَابِ} (5)

ثم بين حال من كان قبلهم ، وأن هؤلاء سلكوا سبيل أولئك في التكذيب فقال :

{ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ } أي قبل أهل مكة { قَوْمُ نُوحٍ وَالْأَحْزَابُ مِنْ بَعْدِهِمْ } أي وكذبت الأحزاب الذين تحزبوا على الرسل من بعد قوم نوح ، كعاد وثمود وغيرهما { وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ } من تلك الأمم المكذبة { بِرَسُولِهِمْ } الذي أرسل إليهم { لِيَأْخُذُوهُ } أي ليتمكنوا منه فيحسبوه ويعذبوه ، ويصيبوا منه ما أرادوا . وقال قتادة والسدي ليقتلوه ، والأخذ قد يرد بمعنى الإهلاك كقوله : { فأَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ نَكِير } والعرب تسمي الأسير الأخيذ والأخذ بمعنى الأسر .

{ وَجَادَلُوا } أي خاصموا رسولهم { بِالْبَاطِلِ } من القول { لِيُدْحِضُوا } أي ليزيلوا { بِهِ الْحَقَّ } ومنه مكان دحض أي مزلقة ، ومزلة أقدام ، والباطل داحض لأنه يزلق ويزول فلا يستقر ، قال يحيى بن سلام : جادلوا الأنبياء بالشرك ليبطلوا به الإيمان { فَأَخَذْتُهُمْ } أي فأخذت هؤلاء المجادلين بالباطل { فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ } الذي عاقبتهم به وحذف ياء المتكلم اجتزاء بالكسرة عنها وصلا ووقفا لأنها رأس آية .