اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{كَذَّبَتۡ قَبۡلَهُمۡ قَوۡمُ نُوحٖ وَٱلۡأَحۡزَابُ مِنۢ بَعۡدِهِمۡۖ وَهَمَّتۡ كُلُّ أُمَّةِۭ بِرَسُولِهِمۡ لِيَأۡخُذُوهُۖ وَجَٰدَلُواْ بِٱلۡبَٰطِلِ لِيُدۡحِضُواْ بِهِ ٱلۡحَقَّ فَأَخَذۡتُهُمۡۖ فَكَيۡفَ كَانَ عِقَابِ} (5)

ثم كشف عن هذا المعنى فقال { كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ والأحزاب مِن بَعْدِهِمْ } وهم الكفار الذين تحزبوا على أنبيائهم بالتكذيب من بعد قوم نوح { وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ } ، وقال ابن عباس رضي الله عنهما : ليقتلوه ويُهلكوه وقيل : ليأسِرُوه{[47911]} .

وقرأ عبد الله بِرَسُولِها{[47912]} ، أعاد الضمير على لفظ «الله » والجمهور على معناها ، وفي قوله «ليأخذوه » عبارة عن المُسَبَّبِ بالسَّبَبِ وذلك أن القتل مسبب عن الأخذ ومنه قيل لِلأسير : أخِيذٌ{[47913]} قال :

4320 فَإمَّا تأْخُذُونِي تَقْتُلُونِي *** فكَمْ مِنْ واحدٍ يَهْوَى خُلُودِي{[47914]}

{ وَجَادَلُوا بالباطل لِيُدْحِضُواْ بِهِ الحق } ليُبْطِلُوا به الحق الذي جاءت به الرسلُ ، { فَأَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ } اجتزاءٌ بالكسرة عن ياء المتكلم وصلاً ووقفاً{[47915]} ؛ لأنها رأس فاصلة ، والمعنى فأنزلت بهم من الهلاك ما هموا بإنزاله بالرسل ، وأرادوا أن يأخذوهم فأخذتهم أنا فيكف كان عقابي إيَّاهُم ؟ أليس كان مستأصلاً ؟ فأنا أفعل بقومك ما فعلت بهؤلاء إن أصروا على الكفر والجدال في آيات الله{[47916]} .


[47911]:ذكر ذلك البغوي في تفسيره 6/88.
[47912]:ذكرت في البحر 7/449 والدر المصون 4/676 ومعاني الفراء 3/5 وهي من الشواذ.
[47913]:اللسان أخذ 36، ومعالم التنزيل 6/88، والكشاف 3/415.
[47914]:من الوافر ويروى: فكم من آخذ. والاستشهاد في قوله "تأخذوني" فإن الأخذ بمعنى الأسر والدليل تقتلوني، وانظر البحر 7/449، والقرطبي 15/293، برواية: فكم من آخذ، وانظر الدر 4/676.
[47915]:وقد قرأ بإثبات الياء في الوصل والوقف يعقوب انظر إتحاف فضلاء البشر 377 والدر المصون 4/677.
[47916]:وانظر الكشاف 3/415.