تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{كَذَّبَتۡ قَبۡلَهُمۡ قَوۡمُ نُوحٖ وَٱلۡأَحۡزَابُ مِنۢ بَعۡدِهِمۡۖ وَهَمَّتۡ كُلُّ أُمَّةِۭ بِرَسُولِهِمۡ لِيَأۡخُذُوهُۖ وَجَٰدَلُواْ بِٱلۡبَٰطِلِ لِيُدۡحِضُواْ بِهِ ٱلۡحَقَّ فَأَخَذۡتُهُمۡۖ فَكَيۡفَ كَانَ عِقَابِ} (5)

الآية 5 وقوله تعالى : { كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَالْأَحْزَابُ مِنْ بَعْدِهِمْ } ذكر هذا لتصبير رسوله على تكذيب قومه إياه بالباطل ؛

يقول : لست أنت بأول من جادله قومه بباطل . لم تزل الأمم المقدمة يكذّبون رسلهم ، ويجادلونهم بالباطل ، فصبروا على ذلك ، فاصبر أنت على تكذيب قومك ومجادلتهم إياك بالباطل كما صبر أولئك كقوله : { فاصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل } [ الأحقاف : 35 ] .

وهو{[18142]} ما ذكر في قوله عز وجل : { وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ }

{ وهمّت كل أمة برسولهم } ما ذكر . لكن الله تعالى بفضله عصم رسله عما همّ أولئك الكفرة بهم من القتل والمجادلة بالباطل .

وفي ذلك آية من آيات الرسالة لهم حين{[18143]} حفظهم عما هُمّوا بهم بلا أعوان أنصار كان الرسل من كثرة أولئك الكفرة ، والله أعلم .

وقوله تعالى : { فَأَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ } أي كيف وجدوا عقابي ؟ أليس وجدوه حقا على ما وعد الرسل عليهم السلام أنه نازل بهم ؟

أو يقول : أليس وجدوه أليما شديدا ، والله أعلم .


[18142]:في الأصل وم: وهي.
[18143]:في الأصل وم: حيث.