السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{كَذَّبَتۡ قَبۡلَهُمۡ قَوۡمُ نُوحٖ وَٱلۡأَحۡزَابُ مِنۢ بَعۡدِهِمۡۖ وَهَمَّتۡ كُلُّ أُمَّةِۭ بِرَسُولِهِمۡ لِيَأۡخُذُوهُۖ وَجَٰدَلُواْ بِٱلۡبَٰطِلِ لِيُدۡحِضُواْ بِهِ ٱلۡحَقَّ فَأَخَذۡتُهُمۡۖ فَكَيۡفَ كَانَ عِقَابِ} (5)

{ كذبت قبلهم قوم نوح } وقد كانوا في غاية القوة والقدرة على القيام بما يحاولونه وكانوا حزباً واحداً لم يفرقهم شيء ، ولما كان الناس من بعدهم قد كثروا وفرقهم اختلاف الألسنة والأديان وكان للإجمال من الردع في بعض المواطن ما ليس للتفصيل ، قال تعالى : { والأحزاب } أي : الأمم المتفرقة الذين لا يحصون عدداً ودل على قرب زمان الكفر من الإنجاء من الغرق بقوله : { من بعدهم } كعاد وثمود { وهمت كل أمة } أي : من هؤلاء { برسولهم } أي : الذي أرسلناه إليهم { ليأخذوه } أي : ليتمكنوا من إصابته بما أرادوه من تعذيب أو قتل . ويقال للأسير : أخيذ ، وقال ابن عباس : ليقتلوه ويهلكوه { وجادلوا بالباطل } أي : بالأمر الذي لا حقيقة له وليس له من ذاته إلا الزوال كما تفعل قريش ومن ضاهاهم من العرب ثم بين علة مجادلتهم بقوله تعالى : { ليدحضوا } أي : ليزيلوا { به الحق } أي : الذي جاءت به الرسل عليهم السلام { فأخذتهم } أي : أهلكتهم وهم صاغرون ، وقرأ ابن كثير وحفص بإظهار الذال والباقون بالإدغام { فكيف كان عقاب } لهم أي : هو واقع موقعه وهم يمرون على ديارهم ويرون أثرهم وهذا تقريع فيه معنى التعجب .

تنبيه : حذفت ياء المتكلم إشارة إلى أن أدنى شيء من عذابه بأدنى نسبة كاف في المراد .