معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَلَوۡ أَلۡقَىٰ مَعَاذِيرَهُۥ} (15)

{ ولو ألقى معاذيره } يعني يشهد عليه الشاهد ولو اعتذر وجادل عن نفسه لم ينفعه ، كما قال : { يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم }( غافر- 52 ) ، وهذا قول مجاهد وقتادة وسعيد بن جبير وابن زيد وعطاء : قال الفراء : ولو اعتذر فعليه من نفسه من يكذب عذره ومعنى الإلقاء : القول ، كما قال : { فألقوا إليهم القول إنكم لكاذبون }( النحل- 86 ) . وقال الضحاك والسدي : { ولو ألقى معاذيره } يعني : ولو أرخى الستور وأغلق الأبواب . فعليه من نفسه من يكذب عذره ، وأهل اليمن يسمون الستر : معذاراً ، وجمعه : معاذير ، ومعناه على هذا القول : وإن أسبل الستر ليخفي ما كان يعمل ، فإن نفسه شاهدة عليه .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَلَوۡ أَلۡقَىٰ مَعَاذِيرَهُۥ} (15)

{ وَلَوْ ألقى مَعَاذِيرَهُ } أى : ولو جاء بكل معذرة يعتذر بها عن نفسه ويجادل عنها

وعن الضحاك : ولو أرخى ستوره ، وقال : المعاذير : الستور ، واحدها معذار ، فإن صح فلأنه يمنع رؤية المحتجب ، كما تمنع المعذرة عقوبة المذنب .

فإن قلت : أليس قياس المعذرة أن تجمع لا معاذير ؟ قلت : المعاذير ليس بجمع معذرة ، إنما هو اسم جمع لها .

ونحوه : المناكير فى المنكر .

فالمقصود بهاتين الآيتين : بيان أن الإِنسان لن يستطيع أن يهرب من نتائج عمله مهما حاول ذلك ، لأن جوارحه شاهدة عليه ، ولأن أعذاره لن تكون مقبولة ، لأنها جاءت فى غير وقتها ،

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَلَوۡ أَلۡقَىٰ مَعَاذِيرَهُۥ} (15)

ومهما اعتذر الإنسان بشتى المعاذير عما وقع منه ، فلن يقبل منها عذر ، لأن نفسه موكولة إليه ، وهو موكل بها ، وعليه أن يهديها إلى الخير ويقودها . فإذا انتهى بها إلى الشر فهو مكلف بها وحجة عليها :

( بل الإنسان على نفسه بصيرة ولو ألقى معاذيره ) . .

ومما يلاحظ أن كل شيء سريع قصير : الفقر . والفواصل . والإيقاع الموسيقي . والمشاهد الخاطفة . وكذلك عملية الحساب : ( ينبأ الإنسان يومئذ بما قدم وأخر )هكذا في سرعة وإجمال . . ذلك أنه رد على استطالة الأمد والاستخفاف بيوم الحساب !

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَلَوۡ أَلۡقَىٰ مَعَاذِيرَهُۥ} (15)

وجملة { ولو ألقَى معاذيرَه } في موضع الحال من المبتدأ وهو الإِنسان ، وهي حالة أجدر بثبوت معنى عاملها عند حصولها .

{ لو } هذه وَصْلِيَّةٌ كما تقدم عند قوله تعالى : { فلن يقبل من أحدهم مِلْءُ الأرض ذهباً ولو افتدى به } في آل عمران ( 91 ) . والمعنى : هو بصيرة على نفسه حتى في حال إلقائه معاذيره .

والإِلقاء : مراد به الإِخبار الصريح على وجه الاستعارة ، وقد تقدم عند قوله تعالى : { فألْقَوا إليهم القول إنكم لكاذبون } في سورة النحل ( 86 ) .

والمعاذير : اسم جمع مَعذرة ، وليس جمعاً لأن معذرة حقه أن يُجمع على معَاذر ، ومثل المعاذير قولهم : المناكير ، اسم جمع مُنْكَر . وعن الضحاك : أن معاذير هُنا جمع مِعْذار بكسر الميم وهو السِتر بلغة اليمن يكون الإِلقاء مستعملاً في المعنى الحقيقي ، أي الإِرخاء ، وتكون الاستعارة في المعاذير بتشبيه جحد الذنوب كذباً بإلقاء الستر على الأمر المراد حجبه .

والمعنى : أن الكافر يعلم يومئذٍ أعماله التي استحق العقاب عليها ويحاول أن يعتذر وهو يعلم أن لا عذر له ولو أفصح عن جميع معاذيره .

و{ معاذيره } : جمع معرف بالإِضافة يدل على العموم . فمن هذه المعاذير قولهم : { رب ارجعون لعليَ أعْمَلُ صالحاً فيما تركتُ } [ المؤمنون : 99 ، 100 ] ومنها قولهم : { ما جاءَنا من بشير } [ المائدة : 19 ] وقولهم : { هؤلاء أضَلونا } [ الأعراف : 38 ] ونحو ذلك من المعاذير الكاذبة .