الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{وَلَوۡ أَلۡقَىٰ مَعَاذِيرَهُۥ} (15)

قوله : { وَلَوْ أَلْقَى } : هذه الجملةُ حاليةٌ . وقد تقدَّم نظيرُها غيرَ مرةٍ . والمعاذير/ : جمع مَعْذِرة على غيرِ قياس ، كمَلاقيح ومَذاكير جمع لَقْحَة وذَكَر . وللنَّحويين في مثلِ هذا قولان ، أحدهما : أنه جمعٌ لملفوظٍ به ، وهو لَقْحَة وذَكَر . والثاني : أنه جمعٌ لغيرِ ملفوظٍ به بل لمقدرٍ أي : مَلْقَحَة ومِذْكار . وقال الزمخشري : " فإن قلتَ : أليسَ قياسُ المَعْذِرَة أَنْ يُجْمَعَ معاذِرَ لا معاذير ؟ قلت : المعاذيرُ ليسَتْ بجمع مَعْذِرة ، بل اسمُ جمعٍ لها ، ونحوُه : المَناكير في المُنْكر " . قال الشيخ : " وليسَ هذا البناءُ من أبنيةِ أسماءِ الجُموع ، وإنما هو مِنْ أبنيةِ جموعِ التكسيرِ " انتهى ، وهو صحيحٌ . وقيل : مَعاذير : جمعُ مِعْذار ، وهو السِّتْرُ ، فالمعنى : ولو أرخى سُتورَه . والمعاذِيْرُ : السُّتور بلغةِ اليمن ، قاله الضحاك والسُّدِّي وأُنشد على ذلك :

ولكنَّها ضَنَّتْ بمَنْزلِ ساعةٍ *** علينا وأَطَّتَ فوقَها بالمعَاذِرِ

وقد حَذَفَ الياءَ من " المعاذير " ضرورةً . وقال الزمخشري : " فإنْ صَحَّ يعني أنَّ المعاذير السُّتور فلأنَّه يَمْنَعُ رؤيةَ المُحْتَجِبِ كما تَمْنَعُ المعذرةُ عقوبةَ المُذْنِبِ " . قلت : هذا القولُ منه يُحتمل أَنْ يكونَ بياناً للمعنى الجامع بين كَوْنِ السُّتورَ ، أو الاعتذاراتِ ، وأَنْ يكونَ بياناً للعلاقةِ المُسَوِّغةِ في التجوُّز .