البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَلَوۡ أَلۡقَىٰ مَعَاذِيرَهُۥ} (15)

والمعاذير عند الجمهور الأعذار ، فالمعنى : لو جاء بكل معذرة يعتذر بها عن نفسه فإنه هو الشاهد عليها والحجة البينة عليها .

وقيل : المعاذير جمع معذرة .

وقال الزمخشري : قياس معذرة معاذر ، فالمعاذير ليس بجمع معذرة ، إنما هو اسم جمع لها ، ونحو المناكير في المنكر . انتهى .

وليس هذا البناء من أبنية أسماء الجموع ، وإنما هو من أبنية جمع التكسير ، فهو كمذاكير وملاميح والمفرد منهما لمحة وذكر ؛ ولم يذهب أحد إلى أنهما من أسماء الجموع ، بل قيل : هما جمع للمحة وذكر على قياس ، أو هما جمع لمفرد لم ينطق به ، وهو مذكار وملمحة .

وقال السدي والضحاك : المعاذير : الستور بلغة اليمن ، واحدها معذار ، وهو يمنع رؤية المحتجب كما تمنع المعذرة عقوبة الذنب .

وقاله الزجاج أيضاً ، أي وإن رمى مستورة يريد أن يخفي عمله ، فنفسه شاهدة عليه .

وأنشدوا في أن المعاذير الستور قول الشاعر :

ولكنها ضنت بمنزل ساعة *** علينا وأطت فوقها بالمعاذر

وقيل : البصيرة : الكاتبان يكتبان ما يكون من خير أو شر ، أي وإن تستر بالستور ؛ وإذا كانت من العذر ، فمعنى { ولو ألقى } : أي نطق بمعاذيره وقالها .

وقيل : ولو رمى بأعذاره واستسلم .

وقال السدي : ولو أدلى بحجة وعذر .

وقيل : ولو أحال بعضهم على بعض ، كقوله تعالى : { لولا أنتم لكنا مؤمنين } والعذرة والعذرى : المعذرة ، قال الشاعر :

ها إن ذي عذرة إن لا تكن نفعت . . .

وقال فيها : ولا عذر لمجحود .