معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{فَٱنظُرۡ كَيۡفَ كَانَ عَٰقِبَةُ مَكۡرِهِمۡ أَنَّا دَمَّرۡنَٰهُمۡ وَقَوۡمَهُمۡ أَجۡمَعِينَ} (51)

قوله تعالى : { فانظر كيف كان عاقبة مكرهم أنا } قرأ أهل الكوفة أنا بفتح الألف رداً على العاقبة ، أي : أنا دمرناهم ، وقرأ الآخرون : إنا بالكسر على الاستئناف ، { دمرناهم } أي : أهلكناهم التسعة . واختلفوا في كيفية هلاكهم ، قال ابن عباس رضي الله عنهما : أرسل الله الملائكة تلك الليلة إلى دار صالح يحرسونه ، فأتى التسعة دار صالح شاهرين سيوفهم ، فرمتهم الملائكة بالحجارة من حيث يرون الحجارة ولا يرون الملائكة ، فقتلهم . قال مقاتل : نزلوا في سفح جبل ينظر بعضهم بعضاً ليأتوا دار صالح ، فجثم عليهم الجبل فأهلكهم . { وقومهم أجمعين } أهلكهم الله بالصيحة .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{فَٱنظُرۡ كَيۡفَ كَانَ عَٰقِبَةُ مَكۡرِهِمۡ أَنَّا دَمَّرۡنَٰهُمۡ وَقَوۡمَهُمۡ أَجۡمَعِينَ} (51)

ثم بين - سبحانه - الآثار التى ترتبت على مكرهم السىء ، وعلى تدبيره المحكم فقال - تعالى - :

{ فانظر كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ } أى : فانظر - أيها العاقل - وتأمل واعتبر فيما آل إليه أمر هؤلاء المفسدين ، لقد دمرناهم وأبدناهم ، وأبدنا معهم جميع الذين كفروا بنبينا صالح - عليه السلام .

قال بعض العلماء ما ملخصه : قوله - تعالى - : { أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ } قرأه الجمهور بكسر همزة { إِنَّا } على الاستئناف ، وقرأه عاصم وحمزة والكسائى : { أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ } بفتح الهمزة وفى إعرا المصدر المنسبك من أن وصلتها أوجه منها : أنه بدل من { عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ } ومنها : أنه خبر مبتدأ محذوف ، وتقديره : هى أى : عاقبة مكرهم تدميرنا إياهم . . .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{فَٱنظُرۡ كَيۡفَ كَانَ عَٰقِبَةُ مَكۡرِهِمۡ أَنَّا دَمَّرۡنَٰهُمۡ وَقَوۡمَهُمۡ أَجۡمَعِينَ} (51)

45

( فانظر كيف كان عاقبة مكرهم . أنا دمرناهم وقومهم أجمعين . فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا ) . .

ومن لمحة إلى لمحة إذا التدمير والهلاك ، وإذا الدور الخاوية والبيوت الخالية . وقد كانوا منذ لحظة واحدة ، في الآية السابقة من السورة ، يدبرون ويمكرون ، ويحسبون أنهم قادرون على تحقيق ما يمكرون !

وهذه السرعة في عرض هذه الصفحة بعد هذه مقصودة في السياق . لتظهر المباغتة الحاسمة القاضية . مباغتة القدرة التي لا تغلب للمخدوعين بقوتهم ؛ ومباغتة التدبير الذي لا يخيب للماكرين المستعزين بمكرهم .

( إن في ذلك لآية لقوم يعلمون ) . . والعلم هو الذي عليه التركيز في السورة وتعقيباتها على القصص والأحداث

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{فَٱنظُرۡ كَيۡفَ كَانَ عَٰقِبَةُ مَكۡرِهِمۡ أَنَّا دَمَّرۡنَٰهُمۡ وَقَوۡمَهُمۡ أَجۡمَعِينَ} (51)

«والعاقبة » حال تقتضيها البدأة وتؤدي إليها بواجب .

وقرأ جمهور القراء «إنا دمرناهم » بكسر الألف ، وقرأ عاصم وحمزة والكسائي «أنا دمرناهم » بفتح الهمزة وهي قراءة الحسن وابن أبي إسحاق .

ف { كان } على قراءة الكسر في الألف تامة ، وإن قدرت ناقصة فخبرها محذوف أو يكون الخبر { كيف } مقدماً لأن صدر الكلام لها ولا يعمل على هذا «انظر » ، في { كيف } لكن يعمل في موضع الجملة كلها ، وهي في قراءة الفتح ناقصة وخبرها «أنَّا » ويجوز أن يكون الخبر { كيف } وتكون «أنَّا » بدلاً من العاقبة ، ويجوز أن تكون { كان } تامة «وأنّا » بدلاً من العاقبة ، ووقع تقرير السؤال ب { كيف } عن جملة قوله { كان عاقبة مكرهم إنا دمرناهم } وليس بمحض سؤال ولكنه حقه أن يسأل عنه ، و «التدمير » الهلاك . ويحتمل أن تتقدر { كان } تامة على قراءة الفتح ، وغيره أظهر ، وقرأ أبي بن كعب «أن دمرناهم » فهذه تؤيد قراءة الفتح في «أنا » .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{فَٱنظُرۡ كَيۡفَ كَانَ عَٰقِبَةُ مَكۡرِهِمۡ أَنَّا دَمَّرۡنَٰهُمۡ وَقَوۡمَهُمۡ أَجۡمَعِينَ} (51)

والخطاب في قوله : { فانظر } للنبيء صلى الله عليه وسلم واقترانه بفاء التفريع إيماء إلى أن الاعتبار بمكر الله بهم هو المقصود من سَوْق القصة تعريضاً بأن عاقبة أمره مع قريش أن يكفّ عنه كيدَهم وينصره عليهم ، وفي ذلك تسلية له على ما يلاقيه من قومه .

والنظر : نظر قلبي ، وقد علق عن المفعولين بالاستفهام .

وقرأ الجمهور : { إنا دمرناهم } بكسر الهمزة فتكون الجملة مستأنفة استئنافاً بيانياً لما يثيره الاستفهام في قوله : { كيف كان عاقبة مكرهم } من سؤال عن هذه الكيفية . والتأكيد للاهتمام بالخبر . وقرأه عاصم والكسائي ويعقوب وخلف بفتح الهمزة فيكون المصدر بدلاً من { عاقبة } . والتأكيد أيضاً للاهتمام .

وضمير الغيبة في { دمرناهم } للرهط . وعطف قومهم عليهم لموافقة الجزاء للمجزيّ عليه لأنهم مكروا بصالح وأهلِه فدمّرهم الله وقومهم .

والتدمير : الإهلاك الشديد ، وتقدم غير مرة منها في سورة الشعراء .

والقصة تقدمت . وتقدم إنجاء صالح والذين آمنوا معه وذلك أن الله أوحى إليه أن يخرج ومن معه إلى أرض فلسطين حين أنذر قومه بتمتع ثلاثة أيام .