جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري  
{فَٱنظُرۡ كَيۡفَ كَانَ عَٰقِبَةُ مَكۡرِهِمۡ أَنَّا دَمَّرۡنَٰهُمۡ وَقَوۡمَهُمۡ أَجۡمَعِينَ} (51)

وقوله : فانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقبَةُ مَكْرِهِمْ يقول تعالى ذكره : فانظر يا محمد بعين قلبك إلى عاقبة غدر ثمود بنبيهم صالح ، كيف كانت ؟ وما الذي أورثها اعتداؤهم وطغيانهم وتكذيبهم ؟ فإن ذلك سنتنا فيمن كذّب رسلنا ، وطغى علينا من سائر الخلق ، فحذر قومك من قريش ، أن ينالهم بتكذيبهم إياك ، ما نال ثمود بتكذّيبهم صالحا من المثلات . )

وقوله : إنّا دَمّرْناهُمْ وَقَوْمَهُمْ أجمَعِينَ يقول : إنا دمرنا التسعة الرهط الذين يفسدون في الأرض من قوم صالح وقومهم من ثمود أجمعين ، فلم نبقِ منهم أحدا .

واختلفت القرّاء في قراءة قوله «إنّا » فقرأ بكسرها عامة قرّاء الحجاز والبصرة على الابتداء ، وقرأ ذلك عامة قرّاء الكوفة : أنّا دَمّرْناهُمْ بفتح الألف . وإذا فُتحت كان في أنّا وجهان من الإعراب : أحدهما الرفع على ردّها على العاقبة على الإتباع لها ، والاَخر النصب على الردّ على موضع كيف ، لأنها في موضع نصب إن شئت ، وإن شئت على تكرير كان عليها على وجه ، فانظر كيف كان عاقبة مكرهم ؟ كان عاقبة مكرهم تدميرَنا إياهم .

قال أبو جعفر : والصواب من القول في ذلك عندي أن يقال : إنهما قراءتان مشهورتان في قَرَأَةِ الأمصار ، متقاربتا المعنى ، فبأيتهما قرأ القارىء فمصيب .