الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي  
{فَٱنظُرۡ كَيۡفَ كَانَ عَٰقِبَةُ مَكۡرِهِمۡ أَنَّا دَمَّرۡنَٰهُمۡ وَقَوۡمَهُمۡ أَجۡمَعِينَ} (51)

" فانظر كيف كان عاقبة مكرهم أنا دمرناهم وقومهم أجمعين " أي بالصيحة التي أهلكتهم . وقد قيل : إن هلاك الكل كان بصيحة جبريل . والأظهر أن التسعة هلكوا بعذاب مفرد ، ثم هلك الباقون بالصيحة والدمدمة . وكان الأعمش والحسن وابن أبي إسحاق وعاصم وحمزة والكسائي يقرؤون : " أنا " بالفتح ؛ وقال ابن الأنباري : فعلى هذا المذهب لا يحسن الوقف على " عاقبة مكرهم " لأن " أنا دمرناهم " خبر كان . ويجوز أن تجعلها في موضع رفع على الإتباع للعاقبة . ويجوز أن تجعلها في موضع نصب من قول الفراء ، وخفض من قول الكسائي على معنى : بأنا دمرناهم ولأنا دمرناهم . ويجوز أن تجعلها في موضع نصب على الإتباع لموضع " كيف " فمن هذه المذاهب لا يحسن الوقف على " مكرهم " . وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو : " إنا دمرناهم " بكسر الألف على الاستئناف ، فعلى هذا المذهب يحسن الوقف على " مكرهم " . قال النحاس : ويجوز أن تنصب " عاقبة " على خبر " كان " ويكون " إنا " في موضع رفع على أنها اسم " كان " . ويجوز أن تكون في موضع رفع على إضمار مبتدأ تبيينا للعاقبة ؛ والتقدير : هي إنا دمرناهم ؛ قال أبو حاتم : وفي حرف أُبَي " أن دمرناهم " تصديقا لفتحها .