معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{فَأَمَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ فَهُمۡ فِي رَوۡضَةٖ يُحۡبَرُونَ} (15)

قوله تعالى : { فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فهم في روضة } وهي البستان الذي في غاية النضارة ، { يحبرون } قال ابن عباس : يكرمون . وقال مجاهد وقتادة : ينعمون . وقال أبو عبيدة : يسرون . والحبرة : السرور . وقيل : الحبرة في اللغة : كل نعمة حسنة ، والتحبير التحسين . وقال الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير : يحبرون هو السماع في الجنة . وقال الأوزاعي : إذا أخذ في السماع لم يبق في الجنة شجرة إلا وردت ، وقال : ليس أحد من خلق الله أحسن صوتاً من إسرافيل ، فإذا أخذ في السماع قطع على أهل سبع سموات صلاتهم وتسبيحهم .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{فَأَمَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ فَهُمۡ فِي رَوۡضَةٖ يُحۡبَرُونَ} (15)

ثم بين - سبحانه - كيفية هذا التفريق فقال : { فَأَمَّا الذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ } .

والروضة : تطلق على كل مكان مرتفع زاخر بالنبات الحسن . والمراد بها هنا : الجنة ويحبرون : من الحبور بمعنى الفرح والسرور والابتهاج .

أى : ويوم تقوم الساعة ، فى هذا اليوم يتفرق الناس إلى فريقين ، فأما فريق الذين آمنا وعملوا فى دنياهم الأعمال الصالحات ، فسيكونون فى الآخرة فى جنة عظيمة ، يسرون بدخولها سرورا عظيما ، وينعمون فيها نعيما لا يحيط به الوصف .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{فَأَمَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ فَهُمۡ فِي رَوۡضَةٖ يُحۡبَرُونَ} (15)

( فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فهم في روضة يحبرون ) . . ويتلقون فيها ما يفرح القلب ويسر الخاطر ويسعد الضمير .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{فَأَمَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ فَهُمۡ فِي رَوۡضَةٖ يُحۡبَرُونَ} (15)

قال مجاهد وقتادة : ينعمون .

وقال يحيى بن أبي كثير : يعني سماع الغناء . والحبرة أعم من هذا كله ، قال العجاج :

الحمد {[22787]} لله الذي أعْطَى الحَبَر*** مَوَالِيَ الْحَقّ إن المَوْلى شَكَر{[22788]}


[22787]:- في ت: "فالحمد".
[22788]:- البيت في تفسير الطبري (21/19) ولسان العرب لابن منظور مادة "حبر".
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{فَأَمَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ فَهُمۡ فِي رَوۡضَةٖ يُحۡبَرُونَ} (15)

{ فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فهم في روضة } أرض ذات أزهار وأنهار . { يحبرون } يسرون سرورا تهلك له وجوههم .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{فَأَمَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ فَهُمۡ فِي رَوۡضَةٖ يُحۡبَرُونَ} (15)

و { يحبرون } معناه ينعمون ، قاله مجاهد ، والحبرة والحبور السرور والتنعم ، وقال يحيى بن أبي كثير{[9286]} : { يحبرون } معناه يسمعون الأغاني{[9287]} ، وهذا نوع من الحبرة ، وقال ابن عباس { يحبرون } يكرمون وفي المثل امتلأت بيوتهم حبرة فهم ينظرون العبرة ومنه بيت أبي ذؤيب : [ الطويل ]

فراق كقيص السن فالصبر انه . . . لكل أناس عبرة وحبور{[9288]}

هذا على هذه الرواية ، ويروى عثرة وحبور ، وهي أكثر وذكر تعالى «الروضة » لأنها من أحسن ما يعلم من بقاع الأرض ، وهي حيث اكتمل النبت الأخضر وجن وما كان منها في المرتفع من الأرض كان أحسن ، ومنه قول الأعشى : [ البسيط ]

وما روضة من رياض الحزن معشبة . . . خضراء جاد عليها مسل هطل{[9289]}

ومنه قول كثير : [ الطويل ]

فما روضة طيبة الثرى . . . تمج النداء جثجاثها وعرارها{[9290]}

قال الأصمعي : ولا يقال «روضة » حتى يكون فيها ماء يشرب منه .


[9286]:هو يحيى بن أبي كثير الطائي، مولاهم، أبو نصر اليمامي، ثقة ثبت، لكنه يدلس ويرسل، من الخامسة، مات سنة اثنين وثلاثين، وقيل قبل ذلك. (تقريب التهذيب).
[9287]:قال الأوزاعي: "إذا أخذ أهل الجنة في السماع (يعني الغناء) لم تبق شجرة في الجنة إلا رددت الغناء بالتسبيح والتقديس"، وقال: "ليس أحد من خلق الله أحسن صوتا من إسرافيل، فإذا أخذ في السماع قطع على أهل سبع سموات صلاتهم وتسبيحهم".
[9288]:البيت من قصيدة لأبي ذؤيب مطلعها: أمن آل ليلى بالضجوع وأهلنا بنعف اللوى أو بالصفية عير و "قيص السن" : انشقاقها بالطول، ويقال: "انقاضت البئر" إذا تشقق طيها وتهدم، وقوله: "فالصبر" بالنصب، أي: اصبر صبرا، وعن الأصمعي:"فالصبر" بالرفع، والمعنى: هذا فراق أبدي كانشقاق السن فاصبر عليه، وقال الأخفش: إذا انشقت السن عرضا قيل: انقمصت، ورواها أبو عمرو: "كنغض السن" وهو تحركها، وقال: "قاصت السن تقيص" إذا تحركت، وأما قوله: "عزة وحبور" فرواية نادرة، والرواية المشهورة وبها الديوان: "عثرة وجبور" أي: يعثرون ثم يجبرون، وعلى هذه الرواية المشهورة لا شاهد في البيت، ولهذا لم يذكره الطبري ولا القرطبي ولا البحر المحيط.
[9289]:هذا البيت من قصيدته المشهورة التي بدأها بقوله: ودع هريرة إن الركب مرتحل وهل تطيق وداعا أيها الرجل؟ وهو واحد من ثلاثة أبيات استشهد بها المفسرون كالقرطبي والطبري وغيرهما، وهي قوله: ما روضة من رياض الحزن معشبة خضراء جاد عليها مسبل هطل يضاحك الشمس منها كوكب شرق مؤزر بعميم النبت مكتهل يوما بأطيب منها نشر رائحة ولا بأحسن منها إذ دنا الأصل وقد أورد أبو عبيدة في مجاز القرآن البيتين الأول والثالث، ورواية الطبري: (من رياض الحسن)، ورياض الحزن أطيب من رياض الأرض المنخفضة، لأن رياض الحزن أكثر تعرضا للرياح التي تنشر منها الرائحة، وأبعد من أن تطأها الأقدام، والمسبل: المطر، الهطل: الغزير، والكوكب: قيل هو النور، وقيل: النبات المستطيل. ومعنى الشرق- على هذا-: الريان. والمؤزر: الذي حوله نبات آخر صار له كالإزار، والمكتهل: الذي قد بلغ وتم، والنشر: تضوع الرائحة، والأصل: جمع أصيل، وهو قبيل الغروب حين تصفر الشمس ويطيب الهواء، يقول: إن رائحة حبيبته أطيب من رائحة الأزهار في هذه الروضة التي بلغت حد الكمال في الحسن والإزهار.
[9290]:هذا واحد من بيتين قالهما كثير في محبوبته عزة، وقد ذكرهما في اللسان، (جثث) وهو يتحدث عن رائحة فمها التي تفوق رائحة الأزهار في أحسن الرياض، والبيتان هما: فما روضة بالحزن طيبة الثرى يمج الندى جثجاثها وعرارها بأطيب من فيها إذا جئت طارقا وقد أوقدت بالمجمر اللدن نارها والثرى: التراب الندي، والجثجاث: نبات سهلي ربيعي يجف في الصيف، وهو أخضر،له زهرة صفراء كأنها زهرة عرفجة طيبة الريح تأكله الإبل إذا لم تجد غيره، واحدته جثجاثة. والعرار: بهار البر، واحدته عرارة، وهو نبت طيب الريح، قيل: هو النرجس البري، وفيه قال الصمة بن عبد الله القشيري بيته المشهور: تمتع من شميم عرار نجد فما بعد العشية من عرار.
 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{فَأَمَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ فَهُمۡ فِي رَوۡضَةٖ يُحۡبَرُونَ} (15)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

ثم أخبر بمنزلة الفريقين جميعا، فقال سبحانه: {فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فهم في روضة يحبرون} يعني في بساتين يكرمون وينعمون فيها وهي الجنة...

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

"فأمّا الّذِينَ آمَنُوا" بالله ورسوله "وعَمِلُوا الصّالِحاتِ" يقول: وعملوا بما أمرهم الله به، وانتهوا عما نهاهم عنه "فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ" يقول: فهم في الرياحين والنباتات الملتفة، وبين أنواع الزهر في الجنان يسرون، ويلذّذون بالسماع وطيب العيش الهنيّ. وإنما خصّ جلّ ثناؤه ذكر الروضة في هذا الموضع، لأنه لم يكن عند الطرفين أحسن منظرا، ولا أطيب نشرا من الرياض...فأعلمهم بذلك تعالى، أن الذين آمنوا وعملوا الصالحات من المنظر الأنيق، واللذيذ من الأراييح، والعيش الهنيّ فيما يحبون، ويسرّون به، ويغبطون عليه. والحبرة عند العرب: السرور والغبطة...

واختلف أهل التأويل في معنى ذلك، فقال بعضهم: معنى ذلك: فهم في روضة يكرمون...

وقال آخرون: معناه: ينعمون...

وقال آخرون: يلذذون بالسماع والغناء...

وكل هذه الألفاظ التي ذكرنا عمن ذكرناها عنه تعود إلى معنى ما قلنا.

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

{فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات} آمنوا بكل ما أمروا أن يؤمنوا به، وعملوا بكل ما أمروا أن يعملوا.

{فهم في روضة يحبرون} والروضة كأنها اسم من أسماء الجنان.

{يحبرون}... الحبرة: النعمة الحسنة.

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

{فِي رَوْضَةٍ} في بستان، وهي الجنة. والتنكير لإبهام أمرها وتفخيمه. والروضة عند العرب: كل أرض ذات نبات وماء. وفي أمثالهم: أحسن من بيضة في روضة، يريدون: بيضة النعامة، {يُحْبَرُونَ} يسرون، يقال: حبره إذا سرّه سروراً تهلل له وجهه وظهر فيه أثره...

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

ولما تقدم هنا ذكر عمارة الأرض وإصلاحها للنبات ووعظ من جعلها أكبر همه بأنها لم تدم له ولا أغنت عنه شيئاً، ذكر أنه جزى من أعرض عنها بقلبه لاتباع أمره سبحانه أعظم ما يرى من زهرتها ونضرتها وبهجتها على سبيل الدوام. {فهم} أي خاصة. {في روضة} أي لا أقل منها {يحبرون} أي يسرون على سبيل التجدد كل وقت سروراً تشرق له الوجوه، وتبسم الأفواه، وتزهو العيون، فيظهر حسنها وبهجتها، فتظهر النعمة بظهور آثارها على أسهل الوجوه وأيسرها.