فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{فَأَمَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ فَهُمۡ فِي رَوۡضَةٖ يُحۡبَرُونَ} (15)

ثم بيّن سبحانه كيفية تفرّقهم ، فقال : { فَأَمَّا الذين ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ } قال النحاس : سمعت الزجاج يقول : معنى " أما " دع ما كنا فيه ، وخذ في غيره ، وكذا قال سيبويه : إن معناها : مهما يكن من شيء فخذ في غير ما كنا فيه . والروضة كل أرض ذات نبات . قال المفسرون : والمراد بها هنا الجنة ، ومعنى { يحبرون } يسرون ، والحبور والحبرة : السرور ، أي فهم في رياض الجنة ينعمون . قال أبو عبيد : الروضة ما كان في سفل ، فإذا كان مرتفعاً فهو ترعة . وقال غيره : أحسن ما تكون الروضة إذا كانت في مكان مرتفع ، ومنه قول الأعشى :

ما روضة من رياض الحزن معشبة *** خضراء جاد عليها مسبل هطل

وقيل معنى { يحبرون } يكرمون . قال النحاس : حكى الكسائي حبرته ، أي أكرمته ونعمته ، والأولى تفسير يحبرون بالسرور كما هو المعنى العربيّ ، ونفس دخول الجنة يستلزم الإكرام والنعيم ، وفي السرور زيادة على ذلك .

وقيل : التحبير التحسين ، فمعنى { يحبرون } يحسن إليهم ، وقيل : هو السماع الذي يسمعونه في الجنة . وقيل : غير ذلك ، والوجه ما ذكرناه .

/خ27