معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{فَأَمَّا ٱلَّذِينَ شَقُواْ فَفِي ٱلنَّارِ لَهُمۡ فِيهَا زَفِيرٞ وَشَهِيقٌ} (106)

قوله تعالى : { فأما الذين شقوا ففي النار لهم فيها زفير وشهيق } ، قال ابن عباس رضي الله عنهما الزفير : الصوت الشديد ، والشهيق الصوت الضعيف . وقال الضحاك ومقاتل : الزفير أول نهيق الحمر ، والشهيق آخره إذا ردده في جوفه . وقال أبو العالية : الزفير في الحلق والشهيق في الصدر .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{فَأَمَّا ٱلَّذِينَ شَقُواْ فَفِي ٱلنَّارِ لَهُمۡ فِيهَا زَفِيرٞ وَشَهِيقٌ} (106)

ثم فصل - سبحانه - أحوال الأشقياء والسعداء فقال : { فَأَمَّا الذين شَقُواْ فَفِي النار لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ } .

قال الآلوسى : قال الراغب : الزفير ترديد النفس حتى تنتفخ الضلوع منه مأخوذ من زفر فلان إذا حمل حملا بمشقة فتردد فيه نفسه ، ومنه قيل للإِماء الحاملاتِ الماءَ : زوافر .

والشهيق : رد النفس إلى الصدر بصعوبة وعناء .

والمراد بهما : الدلالة على شدة كربهم وغمهم ، وتشبيه حالهم بحال من استولت على قلبه الحرارة ، واستبد به الضيق حتى صار فى كرب شديد .

والمعنى : فأما الذين كان نصيبهم الشقاء فى الآخرة ، بسبب كفرهم واقترافهم للمعاصى فى الدنيا ، فمصيرهم إلى الاستقرار فى النار ، لهم فيها من ضيق الأنفاس . وحرج الصدور ، وشدة الكروب ما يجعلهم يفضلون الموت على ما هم فيه من هم وغم .

وخص - سبحانه - من بين أحوالهم الأليمة حالة الزفير والشهيق ؛ تنفيرا من الأسباب التى توصل إلى النار ، وتبشيعا لتلك الحالة التى فيها ما فيها من سوء المنظر ، وتعاسة الحال . . .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{فَأَمَّا ٱلَّذِينَ شَقُواْ فَفِي ٱلنَّارِ لَهُمۡ فِيهَا زَفِيرٞ وَشَهِيقٌ} (106)

100

ومن خلال التعبير نشهد : ( الذين شقوا ) نشهدهم في النار مكروبي الأنفاس ( لهم فيها زفير وشهيق )من الحر والكتمة والضيق . ونشهد ( الذين سعدوا )نشهدهم في الجنة لهم فيها عطاء دائم غير مقطوع ولا ممنوع . .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{فَأَمَّا ٱلَّذِينَ شَقُواْ فَفِي ٱلنَّارِ لَهُمۡ فِيهَا زَفِيرٞ وَشَهِيقٌ} (106)

القول في تأويل قوله تعالى : { يَوْمَ يَأْتِ لاَ تَكَلّمُ نَفْسٌ إِلاّ بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيّ وَسَعِيدٌ * فَأَمّا الّذِينَ شَقُواْ فَفِي النّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ * خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السّمَاوَاتُ وَالأرْضُ إِلاّ مَا شَآءَ رَبّكَ إِنّ رَبّكَ فَعّالٌ لّمَا يُرِيدُ } .

يقول تعالى ذكره : يوم يأتي القيامة أيها الناس ، وتقوم الساعة لا تكلم نفس إلا بإذن ربها .

واختلفت القرّاء في قراءة قوله : { يَوْمَ يَأْتِي } ؛ فقرأ ذلك عامة قرّاء أهل المدينة بإثبات الياء فيها : { يَوْمَ يَأْتي لا تُكَلّمُ نَفْسٌ } . وقرأ ذلك بعض قرّاء أهل البصرة ، وبعض الكوفيين بإثبات الياء فيها في الوصل ، وحذفها في الوقف . وقرأ ذلك جماعة من أهل الكوفة بحذف الياء في الوصل والوقف : { يَوْمَ يَأْتِ لا تُكَلّمُ نَفْسٌ إلاّ بإذْنِهِ } .

والصواب من القراءة في ذلك عندي : { يَوْمَ يَأْتِ } ، بحذف الياء في الوصل والوقف ، اتباعا لخط المصحف ، وأنها لغة معروفة لهذيل ، تقول : ما أَدْرِ ما تقول ، ومنه قول الشاعر :

كَفّاكَ كَفّ ما تُلِيقُ دِرْهما *** جُودا وأُخرَى تُعْطِ بالسّيْفِ الدّما

وقيل : { لا تَكَلّمُ } ، وإنما هي : «لا تتكلم » ، فحذف إحدى التاءين اجتزاء بدلالة الباقية منهما عليها .

وقوله : { فَمِنْهُمْ شَقِيّ وسَعِيدٌ } ، يقول : فمن هذه النفوس التي لا تكلم يوم القيامة إلا بإذن ربها ، شقي وسعيد وعادٍ على النفس ، وهي في اللفظ واحدة بذكر الجميع في قوله : { فَمِنْهُمْ شَقِيّ وَسَعِيدٌ } ، يقول تعالى ذكره : { فأمّا الّذِينَ شَقُوا فَفِي النّارِ لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ } ، وهو أول نهاق الحمار وشبهه ، { وَشَهِيقٌ } ، وهو آخر نهيقه إذا ردده في الجوف عند فراغه من نهاقه ، كما قال رؤبة بن العجاج :

حَشْرَجَ في الجَوْفِ سَحِيلاً أوْ شَهَقْ *** حتى يُقالَ ناهِقٌ وَما نَهَقْ

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني المثنى ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، قوله : { لَهُمْ فِيها زَفيرٌ وشَهيقٌ } ، يقول : صوت شديد ، وصوت ضعيف .

قال : حدثنا إسحاق ، حدثنا ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن أبي العالية ، في قوله : { لَهُمْ فِيها زَفيرٌ وشَهِيقٌ } ، قال : الزفير في الحلق ، والشهيق في الصدر .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن أبي جعفر ، عن الربيع بن أنس ، عن أبي العالية بنحوه .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا إسحاق ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، عن معمر ، عن قتادة ، قال : صوت الكافر في النار صوت الحمار : أوله زفير ، وآخره شهيق .

حدثنا أبو هشام الرفاعي ومحمد بن معمر البحراني ومحمد بن المثنى ومحمد بن بشار ، قالوا : حدثنا أبو عامر ، قال : حدثنا سليمان بن سفيان ، قال : حدثنا عبد الله بن دينار ، عن ابن عمر ، عن عمر ، قال : لما نزلت هذه الآية : { فَمِنْهُمْ شَقِيّ وَسَعِيدٌ } ، سألت النبي صلى الله عليه وسلم ، فقلت : يا نبيّ الله ، فعلام عملنا ؟ على شيء قد فرغ منه ، أم على شيء لم يفرغ منه ؟ قال : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «على شَيْءٍ قَدْ فُرِغَ مِنْهُ يا عُمَرُ وَجَرَتْ بِهِ الأقْلامُ ، وَلَكِنْ كُلّ مُيَسّرٌ لِمّا خُلِقَ لَهُ » . اللفظ لحديث ابن معمر .

وقوله : { خالِدِينَ فِيها ما دَامَتِ السّمَوَاتُ والأرْضُ إلاّ ما شاءَ رَبّكَ إنّ رَبّكَ فَعّالٌ لِمَا يرِيدُ } ، يعني تعالى ذكره بقوله : { خالِدِينَ فِيها } ، لابثين فيها ، ويعني بقوله : { ما دَامَتِ السّماوَاتُ والأرْضُ } ، أبدا ؛ وذلك أن العرب إذا أرادت أنُ تصف الشيء بالدوام أبدا ، قالت : هذا دائم دوام السموات والأرض ، بمعنى : إنه دائم أبدا ، وكذلك يقولون : هو باق ما اختلف الليل والنهار ، وما سمر لنا سمير ، وما لألأت العفر بأذنابها ، يعنون بذلك كله : أبدا . فخاطبهم جلّ ثناؤه بما يتعارفون به بينهم ، فقال : { خالِدِينَ فِيها ما دَامَتِ السمَواتُ والأرْضُ } ، والمعنى في ذلك : خالدين فيها أبدا .

وكان ابن زيد يقول في ذلك بنحو ما قلنا فيه :

حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد في قوله : { خالِدِينَ فِيها ما دَامَتِ السمَواتُ والأرْضُ } ، قال : ما دامت الأرض أرضا ، والسماء سماء . ثم قال : { إلاّ ما شاءَ رَبّكَ } .

واختلف أهل العلم والتأويل في معنى ذلك ، فقال بعضهم : هذا استثناء استثناه الله في أهل التوحيد أنه يخرجهم من النار إذا شاء ، بعد أن أدخلهم النار . ذكر من قال ذلك :

حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، عن معمر ، عن قتادة ، في قوله : { فَأمّا الّذِينَ شَقُوا فَفِي النّارِ لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وشَهِيقٌ خالِدِينَ فِيها ما دَامَتِ السّماوَاتُ والأرْضُ إلاّ ما شاءَ رَبّكَ } ، قال : الله أعلم بثُنياه . وذُكر لنا أن ناسا يصيبهم سَفَع من النار بذنوب أصابوها ، ثم يدخلهم الجنة .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : { خالِدِينَ فِيها ما دَامَتِ السمَواتُ والأرْضُ إلاّ ما شاءَ رَبّكَ } ، والله أعلم بثنيّته ، ذكر لنا أن ناسا يصيبهم سفع من النار بذنوب أصابتهم ، ثم يدخلهم الله الجنة بفضل رحمته ، يقال لهم الجهنميون .

حدثنا محمد بن المثنى ، قال : حدثنا شيبان بن فروخ ، قال : حدثنا أبو هلال ، قال : حدثنا قتادة ، وتلا هذه الآية : { فَأمّا الّذِينَ شَقُوا فَفِي النّارِ لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وشَهِيقٌ . . . } ، إلى قوله : { لِمَا يُريدُ } ، فقال عند ذلك : حدثنا أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «يَخْرُجُ قَوْمٌ مِنَ النار » ، قال قتادة : ولا نقول مثل ما يقول أهل حروراء .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا يعقوب ، عن أبي مالك ، يعني : ثعلبة ، عن أبي سنان ، في قوله : { فَأمّا الّذِينَ شَقَوا فَفِي النّارِ لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وشَهِيقٌ خالِدِينَ فِيها ما دَامَتِ السمَواتُ والأرْضُ إلاّ ما شاءَ رَبّكَ } ، قال : استثناء في أهل التوحيد .

حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن الضحاك بن مزاحم : { فَأمّا الّذِينَ شَقُوا فَفِي النّارِ . . . } ، إلى قوله : { خالِدِينَ فِيها ما دَامَتِ السمَواتُ والأرْضُ إلاّ ما شاء رَبّكَ } ، قال : يخرج قوم من النار فيدخلون الجنة ، فهم الذين استُثني لهم .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا عبد الله بن صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عامر بن جشِب ، عن خالد بن معدان في قوله : { لابِثِينَ فيها أحْقابا } ، وقوله : { خالِدينَ فِيها إلاّ ما شاءَ رَبّكَ } ، أنهما في أهل التوحيد .

وقال آخرون : الاستثناء في هذه الآية في أهل التوحيد ، إلا أنهم قالوا : معنى قوله : { لاّ ما شاءَ رَبّكَ } ، إلا أن يشاء ربك أن يتجاوز عنهم فلا يدخلهم النار . ووجهوا الاستثناء إلى أنه من قوله : { فأمّا الّذِينَ شَقُوا فَفِي النارِ . . . إلاّ ما شاءَ رَبّكَ } ، لا من الخلود . ذكر من قال ذلك :

حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : حدثنا ابن التيمي ، عن أبيه ، عن أبي نضرة ، عن جابر أو أبي سعيد ، يعني : الخدري ، أو عن رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، في قوله : { إلاّ ما شاءَ رَبّكَ إنّ رَبّكَ فَعّالٌ لِمَا يُرِيدُ } ، قال : «هَذِهِ الآية تَأْتي على القُرْآنِ كُلّهِ » ، يقول : حيث كان في القرآن خالِدِينَ فيها تأتي عليه . قال : وسمعت أبا مُجَلّزٍ يقول : هو جزاؤه ، فإن شاء الله تجاوز عن عذابه .

وقال آخرون : عنى بذلك أهل النار وكل من دخلها . ذكر من قال ذلك :

حُدثت عن المسيب ، عمن ذكره ، عن ابن عباس : { خَالدِينَ فِيها ما دَامَتِ السّمَاوَاتُ والأرْضُ } ، لا يموتون ، ولا هم منها يخرجون ما دامت السماوات والأرض . { إلاّ ما شاءَ رَبّكَ } ، قال : استثناء الله . قال : يأمر النار أن تأكلهم . قال : وقال ابن مسعود : ليأتينّ على جهنم زمان تخفق أبوابها ليس فيها أحد ، وذلك بعد ما يلبثون فيها أحقابا .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا جرير ، عن بيان ، عن الشعبي ، قال : جهنم أسرع الدارين عمرانا وأسرعهما خرابا .

وقال آخرون : أخبرنا الله بمشيئته لأهل الجنة ، فعرفنا معنى ثنياه بقوله : { عَطاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ } ، أنها في الزيادة على مقدار مدة السماوات والأرض ، قال : ولم يخبرنا بمشيئته في أهل النار ، وجائز أن تكون مشيئته في الزيادة ، وجائز أن تكون في النقصان . ذكر من قال ذلك :

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : { خَالدِينَ فِيها ما دَامَتِ السّمَاوَاتُ والأرْضُ آلاّ ما شاءَ رَبّكَ } ، فقرأ حتى بلغ : { عَطَاءً غيرَ مجْذُوذٍ } ، قال : وأخبرنا بالذي يشاء لأهل الجنة ، فقال : { عطاء غير مجذوذ } ، ولم يخبرنا بالذي يشاء لأهل النار .

وأولى هذه الأقوال في تأويل هذه الآية بالصواب ، القول الذي ذكرنا عن قتادة والضحاك ، من أن ذلك استثناء في أهل التوحيد من أهل الكبائر أنه يدخلهم النار ، خالدين فيها أبدا إلا ما شاء من تركهم فيها أقل من ذلك ، ثم يخرجهم ، فيدخلهم الجنة ، كما قد بيّنا في غير هذا الموضع بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع .

وإنما قلنا ذلك أولى الأقوال بالصحة في ذلك ، لأن الله جل ثناؤه أوعد أهل الشرك به الخلود في النار ، وتظاهرت بذلك الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فغير جائز أن يكون استثناء في أهل الشرك ، وأن الأخبار قد تواترت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الله يدخل قوما من أهل الإيمان به بذنوب أصابوها النار ، ثم يخرجهم منها ، فيدخلهم الجنة ، فغير جائز أن يكون ذلك استثناء أهل التوحيد قبل دخولها مع صحة الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بما ذكرنا ، وأنا إن جعلناه استثناء في ذلك كنا قد دخلنا في قول من يقول : لا يدخل الجنة فاسق ولا النار مؤمن ، وذلك خلاف مذاهب أهل العلم وما جاءت به الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . فإذا فسد هذان الوجهان ، فلا قول قال به القدوة من أهل العلم إلا الثالث . ولأهل العربية في ذلك مذهب غير ذلك سنذكره بعد ، ونبينه إن شاء الله تعالى .

وقوله : { إنّ رَبّكَ فَعّالٌ لِمَا يُرِيدُ } ، يقول تعالى ذكره : إن ربك يا محمد لا يمنعه مانع من فعل ما أراد فعله بمن عصاه وخالف أمره من الانتقام منه ، ولكنه يفعل ما يشاء ، فيمضي فعله فيهم وفيمن شاء من خلقه فعله وقضاءه .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{فَأَمَّا ٱلَّذِينَ شَقُواْ فَفِي ٱلنَّارِ لَهُمۡ فِيهَا زَفِيرٞ وَشَهِيقٌ} (106)

{ فأما الذين شَقُوا ففي النار لهم فيها زفير وشهيق } الزفير إخراج النفس والشهيق رده ، واستعمالها في أول النهيق وآخره والمراد بهما الدلالة على شدة كربهم وغمهم وتشبيه حالهم بمن استولت الحرارة على قلبه وانحصر فيه روحه ، أو تشبيه صراخهم بأصوات الحمير وقرئ { شُقَوا } بالضم .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{فَأَمَّا ٱلَّذِينَ شَقُواْ فَفِي ٱلنَّارِ لَهُمۡ فِيهَا زَفِيرٞ وَشَهِيقٌ} (106)

الشّقاوة والسّعادة من المواهي المقولة بالتّشكيك فكلتاهما مراتب كثيرة متفاوتة في قوّة الوصف . وهذا إجمال تفصيله { فأمّا الذين شقُوا } إلى آخره .

والزّفير : إخراج الأنفاس بدفع وشدّة بسبب ضغط التنفّس . والشّهيق : عكسه وهو اجتلاب الهواء إلى الصّدر بشدّة لقوة الاحتياج إلى التنفس .

وخص بالذّكر من أحوالهم في جهنّم الزّفير والشّهيق تنفيراً من أسباب المصير إلى النّار لما في ذكر هاتين الحالتين من التّشويه بهم وذلك أخوف لهم من الألم .