إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{فَأَمَّا ٱلَّذِينَ شَقُواْ فَفِي ٱلنَّارِ لَهُمۡ فِيهَا زَفِيرٞ وَشَهِيقٌ} (106)

{ فَأَمَّا الذين شَقُواْ } أي سبَقَت لهم الشقاوةُ { ففي النار } أي مستقرّون فيها { لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ } الزفيرُ إخراجُ النفَسِ والشهيقُ ردُّه وجاء استعمالُهما في أول النهيق وآخرِه قال الشماخ يصف حمارَ الوحش : [ الطويل ]

بعيدُ مدى التطريب ، أولُ صوتِه *** زفيرٌ ويتلوه شهيقٌ مُحشرَجُ{[429]}

والمرادُ بهما وصفُ شدةِ كربِهم وتشبيهُ حالِهم بحال من استولت على قلبه الحرارةُ وانحصر فيه روحُه أو تشبيهُ صراخِهم بأصواتِ الحميرِ وقرىء شقوا بالضم والجملةُ مستأنفةٌ كأن سائلاً قال : ما شأنُهم فيها ؟ فقيل : لهم فيها كذا وكذا ، أو منصوبةُ المحلِّ على الحالية من النار أو من الضمير في الجار والمجرور كقوله عز اسمُه : { خالدين فِيهَا } خلا أنه إن أريد حدوثُ كونِهم في النار فالحالُ مقدرةٌ .


[429]:الذي وقعنا عليه بلا نسبة في كتاب العين 8/78 هو الرواية التالية: بعيد ندى التغريد أرفع صوته *** سحيل وأدناه شحيح محشرج