قوله تعالى : { شَقُواْ } : الجمهورُ على فتح الشين لأنه مِنْ شَقِي فعلٌ قاصِر . وقرأ الحسن بضمها فاستعمله متعدياً ، فيقال : شَقاه اللَّه ، كما يقال أشقاه اللَّه .
وقرأ الأخوان وحفص " سُعِدُوا " بضم السين ، والباقونَ بفتحها ، الأُولى مِنْ قولهم " سَعَدَه اللَّه " ، أي : أسعده ، حكى الفراء عن هُذَيل أنها تقول : سَعَده اللَّه بمعنى أَسْعد . وقال الجوهري : " سَعِد فهو سعيد كسَلِمَ فهو سليم ، وسُعِد فهو مسعود " . وقال ابن القشيري : " وَرَدَ سَعَده اللَّه فهو مَسْعود ، وأسعد فهو مُسْعَد " . وقيل : يُقال : سَعَده وأَسْعده فهو مَسْعود ، استَغْنوا باسم مفعول الثلاثي . وحُكي عن الكسائي أنه قال : " هما لغتان بمعنىً " ، يعني فَعَل وأَفْعل ، وقال أبو عمرو بن العلاء : " يُقال : سُعِد الرجل كما يُقال جُنَّ " . وقيل : سَعِده لغة .
وقد ضَعَّف جماعةٌ قراءةَ الأخَوين ، قال المهدوي : مَنْ قرأ " سُعِدوا " فهو محمولٌ على مَسْعود ، وهو شاذ قليل ، لأنه لا يُقال : سَعَده اللَّه ، إنما يقال : أسعده اللَّه . وقال بعضُهم : احتجَّ الكسائي بقولهم : " مسعود " . قيل : ولا حُجَّةَ فيه ، لأنه يُقال : مكان مسعود فيه ثم حُذِف " فيه " وسُمِّي به . وكان عليّ بن سليمان يتعجَّب مِنْ قراءة الكسائي :/ " سُعِدوا " مع علمه بالعربية ، والعجبُ مِنْ تعجُّبه . وقال مكي : " قراءةُ حمزةَ والكسائي " سُعِدوا " بضم السين حملاً على قولهم : " مسعود " وهي لغةٌ قليلة شاذة ، وقولهم : " مَسْعود " إنما جاء على حذف الزوائد كأنه مِنْ أسعده اللَّه ، ولا يُقال : سَعَدَه اللَّه ، وهو مثل قولهم : أجنَّه اللَّه فهو مجنون ، أتى على جَنَّه اللَّه ، وإنْ كان لا يُقال ذلك ، كما لا يقال : سَعَده اللَّه " .
وضَمُّ السين بعيدٌ عند أكثر النحويين إلا على حذف الزوائد . وقال أبو البقاء : " وهذا غيرُ معروفٍ في اللغة ولا هو مقيسٌ " .
وقوله : { لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ } : هذه الجملةُ فيها احتمالان ، أحدهما : أنها مستأنفة ، كأن سائلاً سأل حين أَخْبَرَ أنهم في النار : ماذا يكون لهم ؟ فقيل : لهم كذا . الثاني : أنها منصوبةٌ المحلِّ ، وفي صاحبها وجهان ، أحدهما : أنه الضمير في الجارِّ والمجرور وهي " ففي النار " . والثاني : أنها حالٌ من " النار " .
والزَّفير : أولُ صوت الحمار ، والشَّهيق : آخره ، قال رؤبة :
2709 حَشْرَجَ في الصدر صَهِيْلاً وشَهَقْ *** حتى يُقالَ ناهِقٌ وما نَهَقْ
وقال ابن فارس : " الشَّهيق ضد الزفير ؛ لأنَّ الشهيق ردُّ النفسَ ، والزَّفير : إخراج النفَس مِنْ شدة الحزن مأخوذ من الزِّفْرِ وهو الحِمْل على الظهر ، لشدته . وقال الزمخشري نحوه ، وأنشد للشماخ :
2710 بعيدٌ مَدَى التَّطْريْبِ أولُ صوتِه *** زفير ويَتْلوه شهيق مُحَشْرِج
وقيل : الشَّهيق : النَّفَس الممتدُّ ، مأخوذ مِنْ قولهم " جبل شاهق أي عالٍ . وقال الليث : " الزَّفير : أن يملأَ الرجلُ صدرَه حالَ كونه في الغمِّ الشديد من النفسَ ويُخْرِجُه ، والشهيق أن يُخْرِجَ ذلك النفسَ ، وهو قريبٌ مِنْ قولهم : " تنفَّس الصعداء " . وقال أبو العالية والربيع بن أنس : " الزفير في الحَلْق والشَّهيقُ في الصدر " . وقيل : الزفير للحمار والشهيق للبَغْل .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.